اعتبر الناشط الأحوازي حامد الكناني، أن الاحتجاجات الحالية في إيران لن تتحول إلى ثورة، لأنها متناثرة جغرافيًا، وتحمل في طياتها أهدافًا مختلفة، قد تكون متباينة أحيانًا، مشيرًا إلى أن هذه الاحتجاجات هي نتيجة طبيعية لتراكمات من الأخطاء، التي ارتكبها نظام الملالي، ونتيجة لسوء إدارة الدولة الإيرانية على جميع الأصعدة.
وأضاف الكناني في حوار لـ "شؤون إيرانية"، أن هتاف "الموت للديكتاتور" الذي يتردد بقوة في الاحتجاجات الحالية، ضد المرشد علي خامنئي، هو القاسم المشترك بين جميع سكان إيران الآن، وأن منع الشارع الإيراني من التواصل مع العالم واللجوء إلى العنف المفرط في مواجهة الاحتجاجات، من الممكن أن يزيد من عمر النظام، لكن على مرور الوقت سيحصل "طلاق" بين النظام والشارع، وسوف تتوسع رقعة هذا الطلاق، حتى تصل إلى صفوف منتسبي النظام أنفسهم، وبالتالي تحصل الثورة كما حدثت من قبل.
وأكد الكناني، أن المفاوضات النووية الجارية منذ نحو سنة، بين النظام الإيراني والقوى الغربية، ما هي إلا "مسرحية" لإشغال العرب، سوف تنتهي مع امتلاك إيران للقنبلة الذرية، منوهًا إلى أن ما تعرضت له المنطقة العربية على يد الميليشيات الإيرانية حتى الآن، يفوق أضرار القنابل النووية.. وإلى نص الحوار:
- الاحتجاجات الحالية هي نتيجة تراكمات من الأخطاء وسوء الإدارة للدولة الإيرانية على جميع الأصعدة، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعقائدية، أدت هذه التراكمات إلى احتجاجات وانتفاضات عدة حتى الآن لكن هذه المرة كانت رقعة الاحتجاجات واسعة، إذ شهدت العشرات من المدن في إيران احتجاجات غاضبة شعارها المشترك كان "الموت للديكتاتور".
وتختلف الدوافع والغايات من إقليم إلى إقليم آخر، فالأقاليم المركزية، وأقصد هنا بلاد فارس التاريخية مطالبها تختلف تمامًا عن باقي الأقاليم التي كانت يومًا ما ممالك، واحتلت بالقوة العسكرية وضمت لبلاد فارس. الأقاليم المركزية معظم مطالبها تتمحور حول الاصلاحات الاقتصادية والحريات الشخصية، ومنها الحجاب، في حين أن الحجاب ليس مطلبًا رئيسيًا للأقاليم التي تقطنها شعوب غير فارسية.
- على عكس التيارات السياسية والقومية في إيران، فإن الجامعات، كانت ولا تزال، هي القاطرة التي تثق فيها الشعوب الإيرانية، لاسيما الشعوب غير الفارسية، باعتبارها ذات تنوع قومي وإقليمي، ويساهم في حراكها أبناء الشعوب ولا تخص قومية أو إقليم معين، وبالتالي يتضمن خطابها مطالب عامة ومشتركة تخص جميع سكان إيران. ولذلك، منذ وصول الملالي للسلطة عام 1979، ركزت الأجهزة الأمنية على التسلل لدوائر الجامعات وإدارتها وربت ودربت عناصر أمنية تغلغلت في صفوف الجامعات تحت غطاء طلاب وهيئات التدريس.
- لأن المرأة في إيران انتُهكت حقوقها من قبل النظامين الملكي و(الإسلامي) أكثر من الرجل، ففي عام 1935 أصدر رضا خان بهلوي قانون كشف الحجاب الإجباري. ومارست السلطات حينها عملية تجريد النساء بالقوة من الحجاب، الأمر الذي أثار غضب الشارع الإيراني آنذاك وجعل رجال الدين في المقدمة. وكانت هذه السياسة سببًا من أسباب الثورة عام 1979 ضد حكام الأسرة البهلوية والإطاحة بهم.
وبعدها جاء النظام الحالي، وفرض الحجاب مستخدمًا القوة أيضًا. وهذا يعني أن المرأة أصبحت ألعوبة بيد النظامين، نظام يجبرها على نزع حجابها، ونظام آخر يجبرها على وضع الحجاب، أضف الى ذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية التي أدت بدورها إلى حدوث كوارث اجتماعية، ومنها انتشار الدعارة والإدمان وهروب الفتيات من المنازل، وأمراض اجتماعية أخرى.
- بالتأكيد منع الشارع الإيراني من التواصل مع العالم وكتم صوته واللجوء إلى العنف المفرط في مواجهة الاحتجاجات لن يُجدي نفعًا، فمن الممكن أن يزيد من عمر النظام لكن على مرور الوقت يحصل "طلاق" بين الحاكم والشارع، وتتوسع رقعة الطلاق هذا، حتى تصل إلى صفوف منتسبي النظام أنفسهم، وبالتالي تحصل الثورة كما حدثت من قبل.
- الثورة الخضراء قادها الإصلاحيون وأبرزهم مهدي كروبي ومير حسين موسوي، والإصلاحيون هم جزء من هذا النظام وركاب سفينته، باعتقادي تواطأ الإصلاحيون مع الجزء الحاكم من النظام خوفًا من تعرضهم لعقاب جماعي وغضب ثوري لا يميز بين معمم إصلاحي ومعمم متشدد، وبالمناسبة مير حسين موسوي كان رئيسًا لمجلس الوزراء في إيران، وفي فترته كان منصب رئيس الجمهورية شكليًا ونفذت في عهده الآلاف من الأحكام الجائرة واتخذت سياسات خاطئة، وكذلك كان مهدي كروبي في تلك الفترة رئيسًا للبرلمان ومتشددًا، وشُرعت في عهده قوانين جائرة.
- لم تصل الاحتجاجات حتى الآن للنقطة المفصلية، أي تتحول إلى ثورة، فهي احتجاجات متناثرة جغرافيًا، وتحمل في طياتها أهدافًا مختلفة، قد تكون متباينة أحيانًا.
- الأمر يتعلق بالقومية الفارسية وعقليتها المهيمنة على السلطة والمعارضة معًا. في حال اعتراف التنظيمات الشمولية المعارضة في إيران بالحقوق القومية للشعوب غير الفارسية التي تشكل أكثر من 70% من سكان إيران، هناك احتمالية كبيرة أن يتحول الحراك إلى ثورة عارمة.
- لأن هذا الشعار يعد القاسم المشترك بين جميع سكان إيران.
- دائما تهندس الانتخابات في إيران ويأتي الرؤساء وفقًا لمتطلبات المرحلة، وذلك حسب ما يراه المرشد خامنئي وشركائه من قيادات "الحرس الثوري"، وبالتالي فإن رئيسي ومن سبقه من الرؤساء ليسوا سوى "دُمى" في يد المرشد و"الحرس".
- صراع الأجنحة موجود في الكثير من البلدان، وقد يكون الصراع إيجابيًا كما هو في الدول الغربية، حيث تجد المعارضة والحكومة تحت قبة واحدة، والصراع يدور بينهما من أجل اتخاذ سياسات نافعة ومفيدة للبلاد، لكن طرفيّ الصراع في إيران سجلهم سيء ودموي، وصراعهم هو صراع شكلي، ويعلمون تمامًا أن كسر أي جناح من جناحي النظام سيجعلهم جميعا عرضة للمحاكمات والمساءلة القانونية.
- الحوثي واجهة ليس إلا، من يواجه دول الخليج العربي والشعب اليمني هو النظام الإيراني. والدول العربية تعرف هذه الحقيقة، وهي أن المفاوض الحوثي شخص مأمور يحمل خيارات محددة، وهو متواصل مع قيادات إيرانية على مدار الساعة، والأمر يشبه تمامًا ما يقوم به الفريق الإيراني الذي يشارك عادة في المفاوضات النووية.
- إيران لديها مشروع توسعي واضح المعالم، وتعد هي المهاجم، ولديها خبرة في التعامل مع المجتمع الدولي والتلاعب على حبل المصالح الدولية، وبالتالي تلتقي مصالح بعض الدول مع المصالح الإيرانية أحيانًا.
- يقال "ان النقيضين لا يجتمعان". السياسة السعودية واضحة وصادقة في تعاملها مع الدول، ومنها إيران، الرياض تلتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية التزامًا كاملًا وتختلف عن سياسات طهران التي تعد عضوًا في منظمة الأمم المتحدة هي الأخرى، ومن أهم التزاماتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الغير وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، لكنها عملت على تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، وتدخلت بشكل علني في شؤون الدول العربية، ناهيك عن فظاعة سياساتها الداخلية.
- المفاوضات النووية مسرحية لإشغال العرب، سوف تنتهي مع امتلاك إيران للقنبلة الذرية، واستكمال برنامجها الصاروخي القادر على حمل الرؤوس النووية. ثم إن ما تعرضت له المنطقة العربية على يد المليشيات الإيرانية حتى الآن يفوق أضرار القنابل الذرية، تصور معي حجم التغطية الإعلامية العربية لهذه المسرحية، التي شغلت العرب عما يجري في أوطانهم على مدى السنين.
- لا اثق بالضربات الإسرائيلية ولا قرارات العقوبات الأمريكية ضد إيران.
- النفوذ الإيراني تجذر وانتشر على جميع الأصعدة في هيكلية الدولة والمجتمع العراقي، والجنوب أصبح يدار من قبل رجالات الملالي. وكلما اشتد الخناق على أذناب إيران، أوعزت لهم طهران بالذهاب لعاصمة خليجية وعربية، وتظاهروا بالتقرب والعودة للحضن العربي، وهذه كلها سياسات فارسية مدروسة.
- إعلان دولة الأحواز المستقلة يبقى حلم الأحوازيين في التخلص من الاستعمار الفارسي والاضطهاد القومي، لكن في ظل السياسات الدولية والإقليمية الحالية علينا مواكبة الحراك القائم في إيران، واعتقد المشروع الأحوازي في هذه المرحل يتطلب مشاركة جميع مكونات إيران في الحراك لإسقاط النظام الشمولي، وإقامة نظام لا مركزي مشروط بحق الشعوب في تقرير مصيرها، لكي يبقى باب التخلص من الهيمنة الأجنبية مفتوحا.
- دون أدنى شك ان الدول والشعوب العربية هي عمقنا وامتدادنا الطبيعي والتاريخي، وقدمت بعضها الدعم الإعلامي والمعنوي حتى الآن، ومن هنا أعبر عن شكري وتقديري للأشقاء العرب حكومات وشعوبًا، لكن القضية الأحوازية تقدمت بفضل تضحيات أبنائها في الداخل، وجهود الجاليات والنخب الأحوازية التي وصلت البلاد الغربية وحصلت على الجنسيات هناك، وتمتعت بحقوق المواطنة في هذه البلدان، حيث توفرت لها الامكانيات لممارسة نشاطات سياسية وحقوقية وإعلامية.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية