• الأنظمة الاستبدادية تخشى دعاة الحرية ومعتقلي الكلمة وطلاب الحق أكثر من أي شيء آخر
• ازدهار نتاج الأدباء الكرد خارج وطنهم بسبب السياسات التي فرّقت الكرد وحرمتهم من لغتهم الأم
• هناك تبادل واحترام للثقافات مع العرب لدرجة أنَّ المثقف العربي بات يدافع عن حق نظيره الكردي
• الاندماج الثقافي ونموذج التعايش والتآخي بين العرب والكرد غلب الممارسات الخاطئة للأنظمة القمعية
• صلاح الدين الأيوبي وأحمد شوقي وعبد الباسط عبد الصمد شخصيات كردية لها وضع خاص في التاريخ العربي
• عبد الله أوجلان ليس مفكرًا كرديًا بل هو مفكر أممي يبحث في حل مشاكل كل الأقليات
• أوجلان جعل المثقفين "منقذي الشعوب" من الأنظمة الساعية إلى طمس الهويات الثقافية
قالت السيدة آناهيتا سينو، الرئيسة المشتركة لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة إن سياسات القمع المستمرة ضد اللغة الكردية من قبل الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة، أدت إلى جهل شعوب الشرق الأوسط الأخرى بثقافة الكرد وحضارتهم، مؤكدة أن "الإبادة الثقافية" هي شكل من أشكال التطهير العرقي، وأن هذه الأنظمة الاستبدادية تخشى دعاة الحرية ومعتقلي الكلمة وطلاب الحق أكثر من أي شيء آخر.
وأضافت سينو، في حوار لـ "كردستان"، أن ازدهار نتاج الأدباء الكرد خارج وطنهم، جاء بسبب السياسات التي فرّقت الكرد وحرمتهم من لغتهم الأم، مشيرة إلى أنه أصبح هناك "تبادل واحترام للثقافات "مع العرب لدرجة أنَّ المثقف العربي بات يدافع عن حق نظيره الكردي، الاندماج الثقافي ونموذج التعايش والتآخي بين العرب والكرد غلب الممارسات الخاطئة للأنظمة القمعية... وإلى نص الحوار:
- تم إنشاء اتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة في سنة 2014 ومقره الرئيسي في قامشلو، وعدد أعضائه (150) عضوًا في ثمانية مكاتب منتشرة في كافة مناطق الجزيرة.
- بالنسبة للأنشطة والفعاليات الثقافية خلال هذه السنوات فهي كثيرة لا تحصى، لأننا في حركة دائمة بين الشعب ومتابعين لكل الأحداث. ولكن أبرز ما قمنا به هو إنشاء "حديقتين للقراءة" أصبحتا ملتقى للكتاب والمثقفين ومقر للنشاطات والفعاليات، بالإضافة إلى زيارة وفد من الاتحاد لإقليم كردستان، فضلًا عن المهرجانات وطباعة كتب الأعضاء، وغير ذلك من الأنشطة المختلفة.
نشر ثقافة المقاومة
- العلاقة بين الثورة والثقافة علاقة وطيدة، فالثورة هي التغيير، والثقافة هي الموقف والطريق إلى هذا التغيير، وهذا ما يقع على عاتق المثقف. أما بالنسبة للاتحاد فكان له دور بارز في هذا المجال من خلال آراء ومواقف ونتاجات الكتَّاب والفنانين والرسامين وكافة أعضاء الاتحاد في نشر ثقافة المقاومة.
- إنهم دعاة الحرية ومعتقلي الكلمة وطلاب حق، تخاف منهم الأنظمة الاستبدادية أكثر من أي شيء آخر، وبالنسبة لدور المثقف في هذا المجال هو التوجه بالخطاب إلى الرأي العام، وفضح سياسات القمع والانتهاكات وممارسة دوره النقدي في مواجهة الحكومات الدكتاتورية.
- بسبب السياسات التي فرقت الكرد وحرمتهم من لغتهم الأم، فتوزعوا على عدة دول وحملوا فيها هوياتهم وثقافاتهم وأبدعوا في الكتابة بلغاتهم. أما في مصر فبسبب الوجود التاريخي للكرد فكانوا من رواد حركة الإصلاح والفكر والأدب والفن هناك، والأمثلة كثيرة على ذلك كأمير الشعراء أحمد شوقي.
العلاقات العربية- الكردية
- أنا أرى العكس تمامًا، وخصوصًا في المكان الذي أعيش فيه (منطقة الإدارة الذاتية)، فقد كان موقف الكثير من المثقفين العرب قديمًا مُخزٍ بالنسبة للقضية الكردية والكرد، الذين تعرضوا لمئات السنين أمام أعين العالم لشتى أنواع الظلم والاضطهاد على أيدي الأنظمة الحاكمة دون أن ينطقوا بحرف، أو أن يتحرك ضميرهم لقول كلمة الحق.
أما الآن، فالأمر تغير تمامًا، هناك تبادل واحترام للثقافات لدرجة أنَّ المثقف العربي بات يدافع عن حق نظيره الكردي في الكثير من الأحيان، ونتلمس هذه الأمور من خلال احتكاكنا معًا.
- هناك تاريخ مشترك والعيش معًا على أرض واحدة ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية، بالإضافة إلى مشتركات دينية وفنية وقيم اجتماعية.
- بسبب سياسات القمع المستمرة ضد اللغة الكردية من قبل الأنظمة المتعاقبة، مما أدى إلى جهل الشعوب الأخرى بثقافة الكرد وحضارتهم، بالإضافة أن الترجمة أمانة يجب إيصالها بكل أهدافها، فما زلنا نفتقر لأدوات الترجمة، وينقصنا أيضًا المختصون في بهذا المجال.
- لقد غلب الاندماج الثقافي ونموذج التعايش والتآخي بين العرب والكرد الممارسات الخاطئة للأنظمة القمعية، فلم تفسد عمق العلاقات الاجتماعية، وكان هناك تأثير متبادل بين الشخصيتين الكردية والعربية. وهناك الكثير من الشخصيات الكردية التي كان لها وضع خاص في التاريخ العربي أمثال: صلاح الدين الأيوبي، أحمد شوقي، عبد الباسط عبد الصمد، وغيرهم.
• يرى بعض الباحثين أن العرب المعاصرين لم ينتبهوا إلى أهمية العلاقات مع الكرد... فهل هناك تقصير من الجانب الكردي في هذا المجال؟
- العلاقة بين العرب والكرد ليست عابرة لها جذور تاريخية، لكن التعتيم الذي كان وراءه الأنظمة المتعاقبة وزرع الشك بين الطرفين، هو سبب معاداة كل طرف للآخر وسبب عدم جلوسهم على طاولة الحوار، قد يكون الكردي مقصرًا أيضًا باعتباره طرفًا في هذه المعادلة، ولكونه لا يملك معطيات الحل ومجرد من أغلب حقوقه في ظل هذه الأنظمة، يكون تقصيره بحجم مساحة الحرية التي كان يعيشها.
"حرب إبادة" ثقافية
- الإبادة الثقافية هي شكل من أشكال التطهير العرقي، ولمقاومة هذا التطهير أو الصهر كان الالتجاء إلى الشفوية التي شغلت حيزًا من الذاكرة الاجتماعية، والتي تحولت إلى موسيقى وأدب بمرور الزمن ونجت من الإبادة.
أما في الوقت الحالي، فشكل المقاومة قد يختلف بحسب الظروف السياسية والثقافية التي نعيشها، فمثلًا طباعة الكتب الكردية والكتابة باللغة الأم ونشر الثقافة الكردية في الأرجاء أدبًا وفنًا وفكرًا، هي نوع من أنواع المقاومة والحفاظ على الهوية.
- على العكس تمامًا، فهناك إقبال أكبر على القراءة باللغة الكردية ، وخصوصًا بعد افتتاح مدارس ومعاهد وجامعات باللغة الكردية، طبعًا في ظل الإدارة الذاتية وفلسفة القائد (عبدالله أوجلان)، ومشروع الأمة الديمقراطية التي أتاحت الفرصة لكل اللغات بأن تأخذ حقها، ومن بينها اللغة الكردية التي مُنعت لعقود كثيرة، وللتأكيد على ذلك كمية الكتب الكردية المطبوعة مما يؤكد على ازدياد معدل القراءة باللغة الكردية.
- أدب الأطفال الكرد يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الكردية، لأنها تعمل على توضيح التراث الثقافي للشعب الكردي من خلال قصصه وحكاياته التي تنتقل من جيل إلى جيل، ناقلة معها قيم وتقاليد ومعتقدات الشعب الكردي وتساعدهُ في الحفاظ على هذه العادات والتقاليد.
- يجب التنويه بأن اتحاد المثقفين لا يقتصر على الكرد فقط بل يحتضن كل المكونات فبيننا مثقفون عرب وسريان والباب مفتوح لجميع المثقفين. ومن أهداف الاتحاد هو العمل على ضم كافة المثقفين والوقوف ضد صهر الثقافات. أما بالنسبة للقضية الكردية فهي واضحة وجلية في منشوراتها وخطاباتنا وكتبنا وبياناتنا التي نتوجه بها للعالم أجمع ونطالب بحل القضية الكردية حلًا عادلًا.
- باعتبار الإدارة الذاتية تتبنى مشروع الأمة الديمقراطية فمن أبرز القيم التي تروج لها الإدارة الذاتية هو تعزيز التنوع الثقافي والاعتزاز بالتعدد الثقافي، فتقدم ضمانات لصون كل اللغات والثقافات لكل المكونات المتواجدة في شمال وشرق سوريا، أما بالنسبة للكرد فأهم هذه الملامح هي إنشاء مدارس وجامعات ومعاهد للطلاب الكرد وطباعة الكتب الكردية، ظهور الصحافة ودور النشر وإحياء التراث الكردي.
- المفكر عبد الله أوجلان ليس مفكرًا كرديًا، بل هو مفكر أممي، وهو يبحث في حل مشاكل كل الأقليات، وهو الذي يقدم مشروع الأمة الديمقراطية التي تقوم على التنوع وإدارته ديمقراطيًا، وهذا ما حث المثقف الكردي على نشر فكره بناء على الأهمية التي أولاها القائد للمثقفين، فقد جعلهم أوجلان "منقذي الشعوب" من الأنظمة الساعية إلى طمس الهويات الثقافية.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية