سقوط إيران في غزة

- 30 ديسمبر 2023 - 360 قراءة

ميليشيات إيران وعلى رأسها «حزب الله» تشن حروبًا صغيرة ضد إسرائيل لكسب الرأي العام العربي

 

فضل الكيالي: ما يُسمّى «محور المقاومة» إنما هم جزء من المؤامرة المُسمّاة «الشّرق الأوسط الجديد»

 

عبد الوهاب بدرخان: روسيا «دقّت على الطاولة» لكي تثني طهران ودمشق عن أي مجازفة مع الولايات المتحدة

 

هل سيتمكّن النظام الإيراني بعد الآن من مواصلة الادّعاء بأن «تحرير فلسطين» أسمى أهدافه العقائدية؟

 

 

منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في المنطقة، وعلى رأسها "حزب الله" اللبناني، حروبًا صغيرة ضد (إسرائيل)، لكسب الرأي العام العربي المتعاطف مع الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، الذين سقط منهم حتى كتابة هذه السطور أكثر من 20 ألف شهيد، وعشرات آلاف الجرحى، ما يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على غزة أسقط أكذوبة "محور المقاومة" إلى الأبد.

ويتساءل الكثيرون، على خلفية تصاعد العدوان الإسرائيلي الدموي يومًا بعد يوم: أين هو مفهوم "وحدة الساحات" الذي تتشدق به الجماعات الشيعية التابعة لنظام الملالي، وما الذي جناه الفلسطينيون المستضعفون في غزة من "الاشتباكات المحسوبة" بين (إسرائيل) وجماعة "حزب الله"؟

وفي هذا السياق، يقول الكاتب فضل الكيالي، إن ما يُسمّى "محور المقاومة" إنما هم جزء من المؤامرة المُسمّاة "الشّرق الأوسط الجديد"، الذين قال لهم المتحكمون في خيوط اللعبة: دغدغوا مشاعر الشّعوب بخطابات رنّانة ففعلوا.

ولعلّ أشجعهم هو من أطلق قذيفة على منطقة حدودية كنوع من ذرّ الرّماد في العيون، أو اشتبك مع جنود الاحتلال الإسرائيلي برفق، بحكم التلاحم الحدوديّ، ليثبت للعالم أنه مُستهدَف هو أيضًا. وهذا دليل مهمّ على أنّ من يشار إليهم بـ "محور المقاومة" هم الأداة التي يمسكون بها العصا من المنتصف في الشّرق الأوسط، يُحرّكونهم متى شاءوا، ويتركونهم متى شاءوا.

 

"محور الشر" الأول

 

إن محور الشر الأول هي إيران، فهي التي ضحّت بالقدس وبالقضية الفلسطينية ومقاتلي "حماس". ومن يتمعّن في الأحداث الأخيرة سيدرك أن هجمات "حماس" الأخيرة لم تكن كسابقاتها، وإنما كان مخططًا لها أن تتمّ بصورة أوسع ومن عدة محاور، لكنّ "حماس" تعرّضت لخذلان من المحيطين بها، ومعظمهم يمثلون أذرع إيران في المنطقة، ومن المحال أن يقوموا بذلك من تلقاء أنفسهم، بل بتوجيهات من نظام الملالي في إيران. وهذا معناه أن التضحية بغزّة و"حماس" كان مجرّد صفقة، وهذه الصفقة لم يتم إعلانها بوضوح حتى هذه اللحظة.

من جانبه، يتساءل الكاتب المعروف عبد الوهاب بدرخان: هل استفادت غزّة شيئًا من المناورات الإيرانية، أو من تحرك ميليشيات "محور المقاومة"، أو من رفع درجة التصعيد مع (إسرائيل) - وخفضه- في جبهة جنوب لبنان؟!

وهل شعر أهل غزّة بـ "النصرة" الموجّهة إليهم من "وحدة ساحات المقاومة"؟، وهل استطاع هذا المحور المزعوم أن يمنع العدو الإسرائيلي من التدمير المنهجي لأكثر من نصف قطاع غزّة؟ وهل يكفي القول إن إيران وحزبها اللبناني لم يكونا على علم بما أعدّته "حماس" صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للتبرّؤ مما أقدمت عليه الحركة، ولتخريجه بأنه قرار وتنفيذ "فلسطينيان"؟

وهل كان مخططًا فعلًا أن يدخل "حزب إيران" اللبناني المعركة في اليوم نفسه لكنه أحجم عن ذلك، ثم دخلها في اليوم التالي في إطار "قواعد الاشتباك" التي تعمّد العدو خرقها مرارًا لاستدراج الحزب والفصائل الفلسطينية المرافقة له إلى تصعيد أكبر؟ وهل تعتقد طهران أن الاتصالات بينها وبين واشنطن لا تزال سرّية تمامًا، وأن مطالبها المتعلقة بمصالحها لقاء عدم توسيع الصراع قد رُفضت، ولم تعد سرّية؟

وما يبرّر هذه التساؤلات أن عملية ذات مفاعيل إقليمية واستراتيجية بهذا الحجم، مثل "طوفان الأقصى"، لا يمكن أن تكتفي إيران بأخذ علم بها، لكونها سترتدّ عليها بشكل أو بآخر، ولذلك فهي تريد أن تحدّد مسبقًا كيف ستتعامل معها وتستغلّها في مساومات لمصلحتها ومصلحة نفوذها.

 

هل خُدعت "حماس"؟

 

مع بلوغ الوضع المأساوي في غزّة ذروته، تراجع قادة "الحرس الثوري" الإيراني عن تهديداتهم المستمرة بـ "محو إسرائيل من الوجود"، وبالتالي طُرحت تساؤلات أخرى: هل خُدعت "حماس"، وهل دُفعت الى التحرّك بوعود ايرانية لم تُنفّذ، لكن الأهم هل سيتمكّن النظام الإيراني بعد الآن من مواصلة الادّعاء بأن "تحرير فلسطين" أسمى أهدافه العقائدية؟

وعدا الانتكاسة التي تعرّضت لها "وحدة الساحات"، طالما أن كلّ ساحة أصبحت مدعوة للاهتمام بشؤونها، فإن إيران نفسها تلقّت تحذيرًا رادعًا من جهة ربما لم تتوقّعها، إذ أن روسيا دقّت على الطاولة، لتثني طهران ودمشق عن أي مجازفة مع الولايات المتحدة قد تكون نتيجتها إنهاء نظام بشار الأسد، بل إن موسكو طلبت عدم إعادة تشغيل مطاري حلب ودمشق، لأن في إصرار (إسرائيل) على تعطيلهما رسالة واضحة.

ولذلك، خرجت جبهة الجولان و"الساحة" من احتمالات توسيع الصراع الحالي، وأخرج زعيم “حزب الله" سوريا من معادلة "محور المقاومة"، مكتفيًا بالسواعد العراقية والحوثية التي لن تقدّم أو تؤخّر شيئًا.

وفي غضون ذلك، بقيت "الساحة" الإيرانية نفسها، محرِّكة الخيوط والأدوار وصاحبة القيادة والإمرة، خارج الخدمة أيضًا، ومكتفية هي الأخرى بحروب وكلائها الصغيرة، ومرتدعة بالتهديدات الأمريكية باستهدافها مباشرةً هذه المرّة.

ولكن ستبقى الساحة اللبنانية، حيث يصول "حزب الله" ويجول كما يشاء، لكنه مرتدع أمريكيًا هو الآخر مهما تظاهر بالعكس، فقد حرص الأمريكيون على إيصال تحذيرات مباشرة اليه، تحديدًا بالنسبة إلى تغطيته دور حركتي "حماس" و"الجهاد" على الجبهة.

ولعل سعي الحكومة اللبنانية إلى الحصول – عبر واشنطن – على وقف لإطلاق النار، من جانب العدو الإسرائيلي هو من المحاولات التكتيكية التي يجرّبها الحزب، فإذا نجحت يتوافر لديه مبرر لوقف المواجهة بحجة أن العدو هو الذي بادر إلى التهدئة، وبالتالي يظهر كأنه يرضخ لإرادة الدولة اللبنانية وقرارها السياسي.

وإذا أخفقت – وهذا مرجّح – فسوف يستمر "حزب الله" على النمط الحالي الذي أودى بالعديد من عناصره ومن المدنيين، عدا الأضرار الجسيمة التي تلحق بالقرى الأمامية وحرائق الأراضي الزراعية.

لكن الحزب لن يوافق في كل الأحوال على انتشار الجيش اللبناني جنوبًا، لأن هذا يشكّل خسارة استراتيجية لإيران ولـ "المحور"، فإنفاذ القرار 1701 يغلق الحدود دونه ويمنعه من العبث، وهو لا يريد أن يفقد هذه الورقة التي باتت تختصر مبرّر وجوده وسلاحه غير الشرعي.

والنتيجة الوحيدة التي يمكن أن تتوصّل إليها ميليشيات إيران هي أن ترتدّ على الداخل، في سوريا ولبنان والعراق واليمن، لكي تعزّز سيطرتها وترفع من درجة الإرهاب الذي تمارسه في هذه الدول المنكوبة، لئلا تنتقص انتكاسة "وحدة الساحات" من هيبتها، غير أنها ستفتقد بدءًا من الآن كذبة "تحرير فلسطين" من عدّة النصب والاحتيال.

وبعد انتهاء العدوان على غزة، وخروج المقاومة الفلسطينية من المعركة الدامية منتصرة، سياسيًا عل الأقل، سيتحول "محور المساومة" إلى لصوص انتصارات، فإيران تحاول إيجاد مخرج لحراكها الداخلي الذي عجزت عن احتوائه، وذلك من خلال استثمار قضية القدس وغزّة، والتضحية بحركة "حماس" مقابل أمنها القومي، إضافة إلى بعض المكاسب التي سيحصل عليها أعضاء "محور المقاومة" في نهاية المطاف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- يا له من سقوط ذريع لكذبة "وحدة الساحات"، موقع جراند، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

2- المقاومة الفلسطينية وأكذوبة "محور المقاومة"، موقع المصدر، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

3- حقيقة محور المقاومة، موقع عدن الغد، 19 ديسمبر/كانون الأول 2023.

 

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.