تحالف استراتيجي رومي فارسي

- 27 يوليو 2022 - 1216 قراءة

"التفت الحية بالحية فأحكمت حبلاً من السوء مبرما"

تسعى إيران إلى إستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية الكسروية على جماجم العرب والمسلمين، الذين دمروا هذه الإمبراطورية في مطلع السنة السادسة عشر للهجرة النبوية، وشتتوا ملك فارس، بعد أن بلغ ملكهم أقصى الأرض .

ولتسويق مشروعها إمبراطورياً رفعت إيران شعار مظلومية أهل البيت "رضي الله عنهم" لتستخدم الشيعة مطية لها، وتجعلهم وقوداً لحربها حتى تصل إلى أهدافها، وتحقق مرادها، كما فعل اليهود في تسويق كذبة "محرقة اليهود" لإستقطاب يهود العالم إلى قضيتهم.

وبدهاء فارسي إستثمرت إيران رغبة أمريكا بدخول المنطقة عسكرياً، فتخلصت من أخطر عدو لها على حدودها الشرقية، كان مصدر قلق وهاجس رعب لها، ألا وهي دولة طالبان .

ثم إجتهدت بقوة لتساعد أمريكا على إحتلال العراق، للتخلص مرة أخرى من عدو خطير أخر على حدودها الغربية ألا وهو "نظام صدام حسين"، لتتخلص إيران بمكرها من عدويين لدودين دون أن تطلق رصاصة واحدة، ولا تخرج من خزينتها توماناً واحداً.

وتأكيداً لما ذهبنا إليه فقد صرح خاتمي الرئيس الإيراني السابق بقوله: "الفضل يعود لإيران في إسقاط حكومة طالبان في أفغانستان"!، كما صرح وزير حربه على شمخاني: بقوله: "على أمريكا أن لا تنسى فضل إيران في دخولها أفغانستان والعراق" .

رسائل فهمها الأمريكيون وبنوا عليها خططهم الإستراتيجية في المنطقة.

لتجتمع أمريكا وإيران في المنطقة على هدف إستراتيجي كبير ذوب الخلافات الجانبية بينهم وان كان مؤقتاً، وفتح أمامهم طريقاً طويلاً للعمل والتنسيق المباشر، وهو القضاء على العدو الأصيل المشترك بينهما، الإسلام "العملاق النائم" الذي بدأ يصحو من نومه، ليستعيد أمجاد أمته، فوجب التصدي له والقضاء عليه!.

الإسلام الخطر الحقيقي المُهدد بزوال المشروعين الصليبي والفارسي إلى الأبد .

وهو سر تحالفهم الكبير، والأخطر على الأمة.

التحالف الذي يهدد الإسلام وينوي استئصاله من جذوره، أو يغيره بإسلام أجوف فارغ المضمون والمحتوى، يخدم تطلعات النظام الدولي الجديد في المنطقة .

إن أمريكا وإسرائيل أدركتا أن الإمبراطورية الفارسية التي تسعى إيران لإستعادتها، في هذه المرحلة لم تهدد ولن تهدد أمن إسرائيل ولا دولتهم اليهودية، ولا تتقاطع مع المشروع الصليبي، ومصالح أمريكا وأطماعها في المنطقة, بل على العكس تماماً، لن تجد أمريكا وإسرائيل بلداً يخدم مصلحتيهما، ويحقق إستراتيجيتهما في المنطقة أكثر من إيران والشيعة بشكل عام, على عكس خطر الإسلاميين "أهل السنة" الذين يسعون إلى إعادة بناء دولتهم الإسلامية على منهاج النبوة, والتي تقف بقوة بوجه المشروع الصهيوني الأمريكي وتهدد بإزالتهما، وتعلن سيادتها على الأرض.

من هنا جاء التحالف الثلاثي الصهيوني الأمريكي الصفوي على الأمة، في القضاء على الأصولية الإسلامية التي تهدد مشاريع هذا التحالف الثلاثي الشيطاني, هذه المعاني وكثير من التوصيات أقرتها مجموعة التقارير البحثية لمجلس العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي, حيث تشكلت مجموعة عمل من المخططين الاستراتيجيين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري, ومن أهم أساتذة الجامعات المختصين بالإستراتيجية الأمريكية، ومن مركز "صبان للدراسات الإستراتيجية"، وبعد عمل دؤوب تواصل لبضعة شهور وضعوا تقريراً شاملاً للأسس الإستراتيجية للولايات المتحدة للحقب القادمة، وأطلق على التقرير عنوان "استعادة التوازن" وترجم إلى العربية سنة 2009 ونشرته "دار الكتاب العربي في بيروت"، ومن أهم توصياتهم:

"إن الخطر الحقيقي المحدق هو من الإسلاميين السنة، أما إيران فلا خطر منها بل ممكن التعاون معها في مكافحة الأصولية الإسلامية" .

وبناءً على هذا المنهج الإستراتيجي ضمن السياسي والمفكر الإستراتيجي "دنيس روس" كتابه المعنون "فن الحكم" بقوله: "إن إيران ممكن تعديل مسارها وجعلها حليفاً لأنها دولة طامحة لبناء إمبراطورية فارسية، أما الإسلاميون فيجب القضاء عليهم"!! .

وبدأ هذا التحالف يسعى لتحقيق أهدافه على الأرض، حيث أطلقت أمريكا يد إيران في المنطقة وسلمتها الملف بالكامل كشرطي للمنطقة، فهي تحتل العراق وتسعى لتجعل بغداد عاصمة لإمبراطورتها المنشودة كما صرح بذلك "علي يونسي"، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني بقوله: "إن إيران اليوم أصبحت إميراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي" .

في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام، والتي كانت عاصمتها المدائن على مشارف بغداد من ناحيتها الجنوبية.

كما أن إيران هي من تدير المعركة في سوريا ضد المجاهدين لإبقاء نظام الأسد في الحكم حليفها الإستراتيجي، كما صرح بذلك الجنرال "محمد اسكندري" قائد فيلق الحرس الثوري "بملاير" بقوله: "ان قادة الحرس الثوري جهزوا 42 لواء و138 كتيبة لمواجهة الأعداء في سوريا.

كما أعلن ابرز قيادات الحرس الثوري "حسين همداني" عن تشكيل "حزب الله السوري" لينظم ويساند قوات الأسد .

وهي التي تحكم لبنان بقوة السلاح من خلال ذراعها العسكري هناك "حزب الله" والذي كُلف أيضاً بمهمة حماية حدود إسرائيل، التي أكدتها تصريحات "حسن نصر الله" بقوله: ان إتفاق الدول العظمى مع إيران سوف يجنب المنطقة نشوب حروب كبيرة، ويمنع إسرائيل من ضرب المفاعلات النووية الإيرانية ويبعد شبح الحرب عن المنطقة" في إشارة لعدم تعرض الحدود الإسرائيلية لأي خطر، وحمايتها من خطر الهجمات الفلسطينية من حدودها الشمالية !.

وهي من تدعم الحوثيين في جنوب اليمن، وتسعى للسيطرة عليها لتحاصر السعودية من جهتي اليمن والعراق إضافة إلى دعم شيعة القطيف جنوب السعودية وصولاً لأهم أهدافها الإستراتيجية في هدم الكعبة بيت الله الحرام، والسيطرة على أرض الجزيرة، والإنتقام من العرب، والثأر منهم رداً على تدمير إمبراطوريتهم وتشتيت ملكهم !.

كما صرح الجنرال "حسين سلامي" نائب قائد الحرس الثوري: "ان تغير موازين القوة في المنطقة يصب في مصلحة إيران مؤكداً وجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإسلامية في العراق وسوريا واليمن، يبلغ حجمها أضعاف حزب الله في لبنان" !.

كل هذه التحركات لإيران وتمددها في المنطقة تتم بإشراف أمريكا، ودعمها المباشر وتحقيقاً لبنود هذا التحالف الثلاثي .

إن هذا الخطر المحدق بالأمة لن تستطيع جماعة، او عصابة، أو تيار، إو منظمة، ان تنفرد بالتصدي له، وتقضي عليه حتى تأتلف مع القوى الأخرى في الأمة .

إن الواجب اليوم يلزمنا ان تتضافر جهود الأمة جميعاً، ونستنفر طاقاتها ، وجمعها في رافد واحد مع الأخذ بإسباب القوة، وحسن التخطيط والتدبير، لمواجهة هذا التحالف، والتصدي له، والقضاء عليه .

إن إجتماع الأمة، وتنسيق جهودها في بقاع الصراع، وإدارة المعركة بشكلها الشمولي، سيعطيها مساحة واسعة في الحركة والمناورة .

ومن جانب أخر فإن تمدد إيران في المنطقة، وإهتمامها بالملفات الخارجية الكبيرة، جعلها تترهل وتُثقل بالإلتزامات، والذي أثر بشكل مباشر على إقتصادها، وخلف أزمة كبيرة في الشارع الإيراني علينا إستثمارها وتنميتها .

كما علينا العمل بقوة في دعم الحركات الثورية داخل إيران من الأحوازيين والبلوش، ونقل جزء من المعركة داخل الشارع الإيراني مستغلين نقمته على سياسة الملالي وقمعه لكل أصوات الأحرار هناك.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.