قالت السيدة ليلى موسى، ممثلة "مجلس سوريا الديموقراطية" (مسد) في القاهرة، إن عودة سوريا إلى محيطها العربي لم تضع حدًا للتدخلات الإيرانية – التركية في الشأن السوري، مشيرة إلى أن القضية الكُردية في تركيا قضية سياسية بالدرجة الأولى، وحلها يتطلب حوارًا وإرادة ورغبة جادة من الطرفين، ومؤكدة أن الطرف الكُردي عرض أكثر من مرة مبادرات سياسية لحل القضية لكن النظام التركي يصر على الإنكار.
وأضافت موسى، في حوار لـ "شؤون إيرانية"، أنه ليس خافيًا على أحد أهمية الموقع السوري الجيوستراتيجي ضمن مشروع "الهلال الشيعي" الإيراني وأن الأزمة السورية والعلاقات الاستراتيجية التاريخية بين سلطات طهران ودمشق قدمت فرصة لسلطات إيران باستغلالها لأجل تمرير مشروعها طالما سعت لتحقيقه لسنوات.. وإلى نص الحوار:
- مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) تحالف سياسي وطني اجتماعي ثقافي سوري جامع، يتكون من أحزاب وقوى مدنية واجتماعية وشخصيات ثقافية واجتماعية، من مختلف أطياف الشعب السوري التي تتوافق على وثائق المجلس وبرنامجه ورؤاه السياسية وتوافق على نظامه الداخلي.
والمجلس منفتح بالحوار على جميع التنظيمات السياسية الوطنية المؤمنة بالحل السياسي السلمي، والتي تعمل على تحقيق تطلعات الشعب السوري في إنهاء الاستبداد بكل أشكاله، وتحقيق سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية، وتعمل على التغيير والتحول الديمقراطي بهدف تحقيق دولة المواطنة المتساوية، دولة تضمن حقوق الجميع بدون أي اقصاء أو تهميش وتضمن حقوق المرأة والمكونات السورية.
ومن أجل ذلك فإن مجلس سوريا الديمقراطية يخوض بكل جهوده وإمكانياته نضالًا سياسيًا اجتماعيًا وفق البرامج التي تعتبر المرجع لعمل هذا المجلس، بهدف الوصول إلى حل دائم ومستدام للقضية السورية.
- منذ بداية الأزمة السورية، اتخذت سلطات دمشق القبضة الأمنية نهجًا استراتيجيًا في التعامل مع الأزمة السورية ومطالب الشعب السوري، وإصرار سلطات دمشق على هذا النهج كان أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى ما آلت إليه الأزمة السورية من التعقيد والتجذر. ومازالت سلطات دمشق تتعامل مع الأزمة بالأدوات ذاتها.
- طالما كانت بنية النظام القائم على المركزية الشديدة المسبب الرئيسي لتفجير الأزمة السورية، نرى أن الحل يكمن في اللامركزية، وتبني مكونات شمال وشرق سوريا لنموذج الإدارة الذاتية، هذا النموذج الذي أثبت نجاحه بالرغم من حجم الضغوطات والتحديات واستمرارية الأزمة. نتطلع مع باقي مكونات المجتمع السوري تعميمه على باقي الجغرافية السورية.
- رفض الحكومة السورية الصريح لقرار الأمم المتحدة بتشكيل مؤسسة مستقلة معنية بشؤون المفقودين والمغيبين قسرًا في سوريا منذ اندلاع الحرب، بحجة عدم استشارتها بشأن القرار، وأنه بمثابة تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة السورية. هذا دليل على استمرار سلطات دمشق النهج ذاته في التعامل مع الأزمة السورية وعدم إبداء أية خطوات من شأنها أن تساهم في إعادة بناء الثقة وحلحلة الأزمة السورية.
ظروف كثيرة قدمت لسلطات دمشق من شأنها أن تساهم في حلحلة الأزمة السورية، منها الانفتاح الذي حصل على خلفية الزلزال الذي أصاب البلاد والعودة إلى جامعة الدول العربية (المسار العربي) وغيرها من الفرص وخاصة المسار العربي الذي وجد فيه الشعب السوري ضالته ولكن إصرار السلطات على النهج وعدم إبداء المرونة حالت دون ذلك.
- كنا نأمل أن تسهم عودة سوريا إلى محيطها العربي في وضع حد للتدخلات الإقليمية (الإيرانية – التركية)، وأن تكون بداية مسار جديد يسهم في حلحلة الأزمة السورية، بما يخدم القضية السورية ومصلحة الشعب السوري. على اعتبار أن القضية الكُردية هي جزء من القضية السورية فإنها تحل ضمنها. لكن للأسف حتى هذا المسار بالرغم من الآمال المعقودة عليه لم يخرج إلى النور بعد.
- التنسيق بين الطرفين مستمر ولم ينقطع، وخاصة من خلال مسار آستانا. وكل ما تم من عمليات المقايضة والاحتلالات داخل الجغرافية السورية بموجب تفاهمات بين الطرفين. بالرغم من حجم التناقضات بين سلطات دمشق وأنقرة إلا أنهما متفقان على استهداف الإدارة الذاتية وقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي في المنطقة. وبالتالي استمرارية الأزمة السورية والاحتلال التركي للأراضي السورية. وممارسة السلطات التركية لعمليات "تتريك" وهندسة لعمليات التغيير الديموغرافي والتطهير العرقي بحق مكونات المجتمع السوري إلى جانب تنامي الإرهاب والتطرف لما توفره ظروف التدخل التركي من بيئة حاضنة وداعمة.
- يكون عبر الحوار، واتفاق السوريين على مشروع لسوريا المستقبل. وما قدمه المجلس من خلال مؤتمره الرابع من خارطة طريق باجتماع واتفاق المنضوين تحت مظلته، دليل على أن السوريين يمتلكون من القدرة والمؤهلات على طرح حلول ومن الداخل السوري. وبقناعتنا حل الأزمة السورية والخروج منها لن يكون إلا من خلال حوار سوري- سوري جامع.
- استمرارية التدخلات الإقليمية في الأزمة السورية تكرس حالة الانقسام، إلى جانب عوامل أخرى منها تعنت سلطات دمشق بمواقفها، وحالة التشرذم بين المعارضة السورية وارتهان بعض الأطراف لأجندات دول إقليمية، وارتباط الأزمة السورية بغيرها من الأزمات على الصعيدين الإقليمي والدولي. تراجع الملف السوري ضمن أولويات اهتمام المجتمع الدولي... إلخ، كل هذه العوامل مجتمعة تؤثر على الأزمة السورية.
- حل الأزمة السورية وتجاوزها يتطلب بالدرجة الأولى العمل على التحول الديمقراطي، عبر طرح مشروع بديل عن بنية النظام القائم على المركزية الشديدة.
وهناك نماذج متعددة لنظم اللامركزية للخروج من هذه الحالة كما أشرت في بداية الحوار نموذج الإدارة الذاتية المطبق في مناطق شمال وشرق سوريا. أما إجماع السوريين على هذا النموذج فهو يتطلب حوار سوري –سوري والإجماع على نموذج يتوافق مع خصائص المجتمع السوري.
- كما تعلمون، بعد تدويل الأزمة السورية وارتباطها بالأزمات الإقليمية والدولية، بات الخروج من الأزمة السورية بحاجة إلى توافقات على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي. وليس من السهولة تحقيق توافقات في ظل الكم الهائل من الملفات الخلافية الشائكة والمعقدة. ولكنها بنفس الوقت ليست مستحيلة طالما هناك مشتركات يمكن العمل عليها.
- استمرارية الأزمة ليس بحل وتداعياتها لا يقتصر على الداخل السوري لوحده. وبالتالي الخروج من الأزمة ضرورة تفرض نفسها على الجميع. طالما هناك رغبة وإرادة سورية في إدارة الأزمة السورية وليس الإدارة بالأزمة، سيكون هناك تحول وطني ديمقراطي يصب في خدمة ومصلحة الشعب السوري.
- بعد تفعيل المسار العربي، والذي يحمل ضمن أجنداته العمل على وضع حد للتدخلات الإقليمية من ضمنها التواجد الإيراني. ربما حاولت إيران الاستفادة من الشرعية التي نالتها سلطات دمشق من عودتها لجامعة الدول العربية بتوقيع اتفاقيات لتدعيم وضمان استمرارية تواجدها في سوريا بصورة شرعية.
- ليس خافيًا على أحد أهمية الموقع السوري الجيوستراتيجي ضمن مشروع الهلال الشيعي الإيراني. والأزمة السورية والعلاقات الاستراتيجية التاريخية بين سلطات طهران ودمشق قدمت فرصة لسلطات إيران باستغلالها لأجل تمرير مشروعها طالما سعت لتحقيقه لسنوات.
بخصوص الشق الثاني من السؤال، لماذا تقوض إنهاء الصراع في سوريا؟
- فذلك يرجع إلى عدة عوامل، منها أن إيران لم تتمكن من تمرير مشروعها بشكل كامل، وبالتالي استمرارية الأزمة تمنحها المزيد من الوقت والفرص لاستكماله، إلى جانب أنه كلما تمكنت من تحقيق مكاسب وأوراق وأجندات في الأزمة السورية تجعلها لاعب أساسي في إدارة الأزمة السورية لا يمكن تجاوزها، كل ما سبق يسهم بشكل أو آخر في خدمة مشروع "الهلال الشيعي" وتدعيم تواجدها في سوريا.
- ما يتعرض له المدنيين من انتهاكات وجرائم ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ونأمل من المجتمع الدولي العمل على حماية الشعب والاحتكام إلى قرارات الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية.
- ما تشهده سوريا والعراق من ضرب لقواعد التحالف الدولي من قبل الجماعات التابعة لإيران وقصف (إسرائيل) لمواقع وشخصيات إيرانية في سوريا هي نتيجة تداعيات حرب غزة.
- القضية الكُردية في تركيا قضية سياسية بالدرجة الأولى، وحلها يتطلب حوارًا سياسيًا وإرادة ورغبة جادة من الطرفين. أكثر من مرة عرض الطرف الكُردي مبادرات لحل القضية الكُردية لكن النظام التركي مُصر على الرفض والإنكار والتنصل من مسؤولياته. بما أن بنية النظام التركي كغيره من الأنظمة شديدة المركزية والاستبدادية والديكتاتورية هذه الأنظمة القائمة على تمجيد عرق وإنكار كل ما هو مختلف. بقناعتنا حتى يتم حل هذه القضية وغيرها من قضايا المنطقة هناك حاجة ماسة في تغيير بنية النظام القائم إلى نظام قائم على اللامركزية والتعددية والعيش المشترك بموجبها يمكن حل القضية الكُردية وغيرها من القضايا داخل تركيا.
- اعتقال السيد أوجلان هي قضية سياسية في المقام الأول، وهي قضية شعب، ونأمل من الدولة التركية العدول عن مواقفها حيال قضية السيد أوجلان، والتي هي قضية شعب في الوقت ذاته والكف عن عداء الكُرد داخل تركيا وخارج حدودها السياسية وتصدير أزماتها إلى الخارج، وحل القضية الكُردية بالسبل السياسية والحوار.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية