أكد الدكتور أنور مالك، الكاتب والباحث الجزائري، والمراقب الدولي لحقوق الإنسان، أن إيران تريد السيطرة على العرب عبر "تخريب أوطانهم"، وأن المشروع التوسعي الإيراني يعيش حاليًا "مرحلته الذهبية"، معتبرًا أنه لا يمكن للإيرانيين التمدد والهيمنة والسيطرة على العالم العربي إلا بإضعاف دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
وأضاف د. مالك في حوار لـ "شؤون إيرانية" أن إيران تعمل جاهدة على صناعة نسخة من "حزب الله" اللبناني في المنطقة المغاربية، وأن هدف الملالي هو صناعة جناح ميليشياتي في المغرب العربي، وصناعة طائفة موالية لـ "الوليّ الفقيه"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن سفارات طهران في كل من العراق ولبنان وسوريا لديها مشروع مشترك في نشر التشيّع، وأن وجود ميليشيات مسلحة وطوائف موالية لـ "خامنئي" على ضفاف البحر المتوسط سيكون له تأثيره البالغ على أوروبا.
وشدد د. مالك، على أن النظام الجزائري يتعامل مع نظام الملالي كمشروع سياسي يجري استعماله "حسب ما تُمليه المرحلة"، وأن الأجهزة الأمنية الجزائرية تضيّق الخناق على المعادين لـ "الخمينية" وتفتح الآفاق لدعاة التشيّع، منوهًا إلى أن المؤامرة الإيرانية تتسلل منذ عدة سنوات إلى الجيش والشرطة والدرك والمخابرات في الجزائر، التي تقدمت بخطوات كبيرة نحو التحول إلى قاعدة متميزة من حيث موقعها الاستراتيجي لأنشطة إيرانية "خبيثة".. وإلى الحوار:
- كتابي "أسرار الشيعة والإرهاب في الجزائر" كان نتيجة بحث معمق كباحث متخصص في الشأن الايراني أولًا، ومن جهة ثانية كخبير أمني، فقد كنت اشتغل ضابطًا في المؤسسة العسكرية الجزائرية، وأقوم بالتدريس بكلياتها، ولديّ اطلاع واسع على ما كان يجري في ذلك الوقت. ومن خلال المعطيات التي أُتيحت لنا حينها، كُشف لنا عن دور إيراني في التوغل داخل الجماعات المسلحة الجزائرية في فترة التسعينات.
كما أن السلطات الجزائرية حينها اتهمت إيران رسميًا بدعم الإرهاب وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها، بسبب ما ثبت لديها من براهين على علاقة ربطت تنظيم الجماعة المسلحة المعروفة باسم «الجيا»، وهو ما أكدته الأحداث بالفعل، حيث تمكن المدعو محفوظ طاجين من تولي إمارة التنظيم، وهو متشيع جزائري ويرتبط بـ "حزب الله" وتدرب في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقد لعب فتحي الشقاقي دوره في هذه العلاقة، غير أن "طاجين" تم إعدامه لاحقًا بتهمة العمالة لإيران من طرف جمال زيتوني الذي خلفه على رأس الإمارة.
إيران كانت تعمل جاهدة على صناعة نسخة من "حزب الله" اللبناني في المنطقة المغاربية، ووجدت ضالتها حينها في التنظيم الأكثر دموية في الجزائر ويتمثل في «الجيا»، غير أن مشروعها تحطم مع مقتل محفوظ طاجين، ثم حاولت لاحقًا عن طريق تنظيم "الفيدا" التابع لتيار الجزأرة، ومن خلال شبكة تم نقلها من الجزائر إلى سوريا ثم طهران، وهناك تدربت على حرب العصابات، غير أن المشروع أيضًا أجهض بعدما ألقت السلطات القبض على هذه المجموعة وأُودعت السجن في 2002.
إن هدف طهران هو صناعة جناح ميليشياتي مسلح في المغرب العربي، وهذا المشروع مر بعدة مراحل ولا يزال قائمًا، ومبني على مخطط موازي يتمثل في صناعة طائفة موالية لما يسمى "الولي الفقيه" تتوزع على الدول المغاربية والتركيز على الجزائر أولًا وقبل كل شيء، بسبب التسهيلات التي وجدتها من طرف السلطات الحاكمة في البلاد.
- نعم ذكرت ذلك في حوار أجرته معي صحيفة جزائرية، حيث أن المعلومات التي توفرت لديّ، ومنها التي جاءت من مصادر أمنية، تؤكد على أن سفارات إيران في كل من العراق ولبنان وسوريا لديها مشروع مشترك في نشر التشيع وصناعة طائفة موالية لخامنئي في الجزائر، بل إن السفارة الإيرانية خاصة بعد ما حدث مع المدعو أمير موسوي الذي كان يشغل منصب الملحق الثقافي في سفارة الملالي، جعلت العمل مركزًا على سفارات العراق وسوريا ولبنان، وتشرف على هذا العمل من بعيد لتفادي المتابعات الأمنية والحملات الإعلامية.
وأؤكد من خلال منبركم الكريم أنه في الفترة الحالية خاصة منذ 2019 توجد أربع سفارات وهي إيران والعراق وسوريا ولبنان تعمل ضمن مشروع واحد، وهو تشييع الجزائريين وصناعة طائفة لديها ميليشيا مسلحة، وهو خطر متصاعد في ظل تجاهل أمني واضح لما يجري من مشاريع مشبوهة، من بينها الدينية وأخرى استخباراتية وصلت لحد نقل جزائريين إلى إيران من أجل التجنيد العقائدي والأمني.
- المشروع التوسعي الإيراني مر بعدة مراحل، بينها الفضية والحديدية والخشبية والبرونزية، والآن يعيش مرحلته الذهبية، ودائمًا ما يتعلق الأمر بأسباب داخلية، وأيضًا خارجية لحد ما.
والسلطات في الجزائر أحيانا تحارب هذا المشروع وتضيق عليه، وعندما يصل لمرحلة يكاد يندثر فيها تقوم بتسهيل الأمر وفتح المجال، وكأن الأجهزة تريد الحفاظ عليه في مستوى معين، وأيضًا علاقات الجزائر مع حلف إيران لديها وقعها، فهي لا تريد أن تغضب حلفاءها لدرجة تظهر أنها معادية عقائديًا للملالي، ومن جهة أخرى تحاول خلق التوازن مع التيارات الدينية القائمة في البلاد، ففي ظل الفوضى الدينية تتراجع الفوضى السياسية حسب منطق الأجهزة الأمنية.
والنظام الجزائري لا يتعامل مع إيران كمشروع عقائدي يهدد الوحدة المذهبية والدينية للجزائريين، بل يتعامل معه كمشروع سياسي يجري استعماله حسب ما تمليه المرحلة، وحاليًا نرى الجزائر في الصف الإيراني بصفة تكاد تكون مطلقة، مما جعل الأجهزة الأمنية في ظل اللاستقرار السياسي تضيق على المعادين للخمينية وتفتح الآفاق لدعاة التشيع.
في المقابل المغرب دولة مستقرة سياسيًا وفكريًا ولذلك تضطلع مؤسساتها بمهمة الحماية العقائدية للمغاربة وهذا ما جعل مشروع ايران يكاد يضمحل في الداخل المغربي وإن كان هناك تركيز على المغاربة في أوروبا وخاصة بلجيكا.
المغرب دولة واضحة سياسيًا ودبلوماسيًا ومذهبيًا ولذلك نجد المؤسسة الملكية تعمل على الحفاظ على الاستقرار في كل المجالات ومن بينها الجانب الديني ليس في المغرب فقط بل في عموم إفريقيا وهذا ما خلق لها العداء من حلف إيران والجزائر تؤدي هذا الدور بالنيابة في جوانب كثيرة.
أبعاد المؤامرة الإيرانية
- في الآونة الأخيرة توفرت لدينا معلومات عن مخطط إيراني استخباراتي لاختراق المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، حيث نجح متشيعون في إدخال أولادهم المتشيعين أيضًا للمؤسسات ذات الطابع الأمني والعسكري. وقبل ذلك يجري الاختراق عن طريق المصاهرة، حيث سجلنا تزويج متشيعين بل رؤوس التشيع في عدة ولايات لبناتهم من ضباط، وأيضًا تزويج أبنائهم من بنات عسكريين في الأجهزة.
وأعتقد أن هذه تعتبر أخطر مرحلة في الاختراق القائم على قدم وساق في الجزائر، ولذلك أؤكد أن المؤامرة الإيرانية تتسلل للجيش والشرطة والدرك والمخابرات في الجزائر منذ عدة سنوات، والأمر وصل لدرجة خطيرة حيث توفرت لدينا معلومات عن ضباط في مواقع حساسة تشيعوا لولاية الفقيه، وآخرون يصاهرون متشيعين جزائريين درسوا في قم والنجف ولهم ارتباطات مع "الحرس الثوري وفيلق القدس".
- نعم، الجزائر تقدمت بخطوات كبيرة نحو التحول إلى قاعدة متميزة من حيث موقعها الاستراتيجي لأنشطة إيرانية خبيثة مستقبلًا ضد الضفة الأخرى من المتوسط وحاليًا ضد دول شمال إفريقيا وخاصة المغرب الذي يعلن عليه النظام الجزائري عداوة غير مسبوقة، وهو ما يلتقي مع عداء الملالي التقليدي والمتصاعد للمملكة المغربية وأسرتها العلوية الحاكمة المعروفة بمرجعيتها الفكرية والمذهبية والثقافية والتاريخية.
- قلت لكم في بداية اللقاء أن إيران تعمل على صناعة ذراعها المسلح في شمال إفريقيا، بل تراهن على ما يسمى "حزب الله المغاربي"، غير أن هذا المشروع يصطدم بخيبات متعددة حيث لم تفلح لحد الآن في صناعة طائفة، ومن الطائفة يتم تشكيل ميليشيا مسلحة، وهذا الأمر يكاد يكون مستحيل المنال حاليًا على الأقل ويحتاج إلى وقت كبير، وعامل الزمن ليس في صالح الملالي الذين يراهنون على السرعة في تنفيذ مشروع بديل لما يجري في المشرق، والملالي يفقدون نفوذهم ويريدون تعويضه في إفريقيا في ظل المنافسة الشرسة بين قوى كبرى على النفوذ في القارة السمراء.
وهناك جماعات بينها المسلحة في العمق الإفريقي لديها قابلية الولاء للملالي، لكن الرهان الأكبر على الدول العربية المتمركزة في الشمال الإفريقي، ولهذا حاولت إيران مع تنظيمات مسلحة في التسعينات وفشلت، ووجدت ضالتها في هيكل قائم ويتمثل في جبهة البوليساريو، التي هي حركة لديها دولة معلنة على التراب الجزائري تعترف بها بعض الدول، ولها عضوية في الاتحاد الإفريقي، فضلًا عن كل ذلك لديها جناح عسكري مسلح ومدعوم من الجزائر، والأهم أنه يعادي المغرب الذي يشكل غصة في حلق مشروع إيران، لهذا توجهت إيران على صعيدين الدعم العسكري والسياسي وأيضًا النشاط التبشيري العقائدي بين الصحراويين في مخيمات تندوف، فالملالي يدركون أن أي تنظيم مسلح إن لم يكن البعد العقائدي في ولائه لهم فهو مرشح للانقلاب عليهم في أي لحظة.
لهذا إيران تركز في السنوات الأخيرة على البوليساريو التي تعاني من مآزق داخلية وخارجية وعسكرية ودبلوماسية، وحتى فكرية في ظل المعاناة داخل المخيمات، وأعتقد أن المشروع ذهب بعيدًا في تحويل البوليساريو إلى جناح عسكري إيراني في شمال إفريقيا، وهو الخطر الكبير الذي يجب الانتباه إليه قبل فوات الأوان.
- نظام الملالي توسعي ولديه عقيدة القضاء على الآخرين، من حيث الدين في إطار عداء طائفي لأهل السنة والجماعة، وأيضًا عداء عرقي من خلال ما نعرفه عبر التاريخ من كراهية الفرس للعرب.
إيران في ظل حكم الملالي تريد التمدد في العالم الإسلامي والسيطرة على العرب عبر تخريب أوطانهم، فكلما فقدت موقعًا عوضته بموقع آخر، وهو ما نراه يحدث الآن حيث فشل الملالي في تحقيق مآربهم بدول الخليج، وهاهم يعملون على تعويض خسارتهم في إفريقيا وخاصة الشمال، وانطلاقًا من الجزائر وعينهم على المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا والسودان ومصر وغير ذلك.
والتركيز على دول المغرب العربي يعود للأهمية الاستراتيجية، فوجود ميليشيا مسلحة وطوائف موالية لـ "خامنئي" على ضفاف المتوسط سيكون له تأثيره البالغ على أوروبا، فضلًا عن النشاطات الكبيرة داخل الدول الأوروبية سواء بين الجاليات أو حتى بين الأوروبيين أنفسهم.
- نعم.. عين الملالي على كل القارات، ولكن القارة الإفريقية أصبحت محل منافسة بين القوى الكبرى وتواجد الأخطبوط الإيراني فيها سيحقق الكثير من المكاسب، حيث أننا نرى المشروع الإيراني يسارع نحو مناطق النفوذ للتواجد، ويصنع أزمات ليتحكم من خلالها في مصالح العالم، وأيضًا يسارع لأزمات قائمة كي يتحكم في خيوط اللعبة، سواء عبر المال أو الإعلام أو السلاح أو غير ذلك.
بلا أدنى شك، أن نظام طهران نجح في تخريب دول، وفشل في الوصول إلى أخرى في المشرق العربي، لذلك يسارع لصناعة بدائل في المغرب العربي خصوصًا وإفريقيا على العموم، فهذا النظام يدرك أن نهايته مع نهاية امتدادات مشروعه فيهرع لتعويض خسائره بأرباح في مناطق أخرى وهذا الذي يجري حاليًا في القارة الإفريقية.
- بالمختصر المفيد، حيثما يتمدد الملالي بمشروعهم الهدام سيشكل خطرًا على الدول العربية والإسلامية، فالخمينية لا تعادي إلا العرب، ولا هدف لها في الغرب إلا ما يضر بمصالح الدول العربية فقط.
النفوذ الإيراني في العمق الإفريقي يشكل خطرًا على الدول العربية ليس في القارة الإفريقية فقط، بل على العرب في كل القارات، لأن ذلك سيعطي للملالي نفوذًا وقوة مما سيتحول إلى دمار على العرب والمسلمين، وواهم من يعتقد أو يظن غير ذلك.
- دول الخليج هدف استراتيجي لملالي إيران الذين يدركون أن مشروعهم مرتبط بمدى قوة الخليج وضعفه، ولا يمكن لهم التمدد والهيمنة والسيطرة على العالم العربي إلا بإضعاف دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، التي تشكل الهدف الاستراتيجي في مشروع الخمينية وامتداداتها مع الظاهرة الخامنائية.
وكل الدول العربية والإسلامية معنية وأمنها في خطر مع مشروع الملالي ولا يمكن الحفاظ على الأمن والاستقرار في وجود مشروع هدام وتخريبي للديموغرافيا والجغرافيا العربية، ووجود إيران في إفريقيا سيشكل خطرًا على كل القارات، فالمستقبل الاستراتيجي يرتبط أساسًا بالدول الإفريقية وثرواتها الطائلة والهائلة.
- في ظل تكالب الإرادات الدولية على العالم الإسلامي، ومع تصاعد نزعات الصراع على الثروة والتراث وما بعد كورونا وحرب أوكرانيا، نجد أن الأمن القومي العربي مرتبط ببعضه البعض ويحتاج لشراكة ووئام ووحدة وكيان، وأعتقد أن ما سميتموه "النفوذ التاريخي المغربي" في بلدان إفريقيا المسلمة يشكل جدارًا صلبًا في وجه المشاريع الهدامة خاصة ذات البعد العقائدي. وشخصيًا أرى أننا في حاجة لنفوذ مغاربي في ظل وحدة مغاربية وتكامل مغاربي لمواجهة هذا التحدي، لكن العداء القائم من الطرف الجزائري تجاه المغرب الذي يخدم أجندات استعمارية واستدمارية وتخريبية من هنا وهناك، ومن بينها الاختراق الإيراني الخطير، يعيق لحد كبير النفوذ المغربي التاريخي لحماية المجتمعات المسلمة من الغارة العقائدية الكبيرة التي تشترك فيها دوائر غربية مع حركات فكرية وميليشيات مسلحة وتنظيمات إرهابية.
- ملالي إيران لديهم مشروعهم العقائدي والعرقي بنكهة سياسية ودبلوماسية، ولذلك خلافاتهم وصراعاتهم مع الدول لا يمكن الفصل فيها بين هذه الجوانب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن الخمينية تعادي كل من يتصدى لمشروعها ولو كان شيعيًا فهي حاربت شيعة في عدة مناطق لأنهم ليسوا مع ولاية الفقيه بل إن "مجاهدي خلق" وهم فرس وشيعة تعرضوا لما يندى له الجبين من الملاحقات والتضييقات والمطاردات والإعدامات وغيره.
إيران دعمت "القاعدة" المحسوبة على السنة وساهمت في صناعة "داعش" المحسوبة بدورها على السنة، لأن الملالي يلتقون مع هذه التنظيمات في هدف تخريب الدول العربية ونشر الفوضى فيها.
وما يجري مع المغرب لا يخرج عن هذه الأطر فالدولة المغربية تعادي التمدد الإيراني وتراه تدخلًا في شؤون الدول وأيضًا تخريب لأمنها وأمر آخر استهداف لمذاهب إسلامية معروفة، ولذلك يرى الملالي أن مشروعهم في شمال إفريقيا مهدد في ظل التصدي المغربي لهم ولهذا رفعوا من وتيرة العداء عبر استهداف المغرب في وحدته الترابية وقضيته الوطنية الأولى المتمثلة في الصحراء بدعم كبير للبوليساريو، وهذا جاء على هوى الجزائر وقوى آخرى لا تريد أن ترى المغرب قوة تدافع عن مصالح العرب والمنطقة المغاربية وتلعب دورها في العمق الإفريقي الذي يشكل خزان مصالح لقوى إقليمية ودولية.
- نعم هذا صحيح.. شبكات "حزب الله" تمددت في الجزائر ووصلت لمخيمات تندوف ووطدت علاقاتها مع منظمة البوليساريو التي صنعت دولة داخل الدولة الجزائرية ولا تخضع لقوانين التراب الذي تتمركز فيه، بل لديها قوانينها وشؤونها الخاصة في إطار إقليم جغرافي جزائري خارج سيطرة الدولة الجزائرية.
أمر آخر، أن "الحرس الثوري وفيلق القدس" يتواجدان بطرق مختلفة في الجزائر عبر العلاقات مع الأجهزة، وأيضًا عبر شبكات جزائرية في أوروبا وخاصة فرنسا، وهذا ما جعل أمن دول المغرب العربي في خطر حقيقي، وإن تواصل التغاضي على هذا التمدد المتسارع والمتصاعد عبر تشييع الجزائريين وصناعة طائفة موالية لخامنئي فإن الخطر سيبلغ مداه بلا أدنى شك.
حقيقة أن ما حذرت منه تقارير كثيرة هو واقع تهديدي خطير خاصة في السنوات الأخيرة، حيث لم تعد الأجهزة الجزائرية مهتمة بالنشاط الإيراني بين الجزائريين، ولا تبالي بتغلغل الملالي في القوى الأمنية والعسكرية والطبقات السياسية وبين الجامعات والمدارس ودور الثقافة، وحتى في المساجد التي لم تسلم من التبشير الإيراني لولاية الفقيه.
- شمال إفريقيا أصلًا يعيش على وقع اللاستقرار بسبب ما يجري في منطقة الساحل والصحراء، وأيضًا انقلابات هنا وهناك، فضلًا عن دفع الجزائر نحو حرب في المغرب العربي عبر دعم منظمة البوليساريو التي لن يطول الوقت وتدرج في قوائم الإرهاب الدولي.
غير أن الأمر سيزداد خطورة مع مرور الوقت في ظل تصاعد التغلغل الإيراني في الجزائر وبعض الدول الإفريقية، عبر العمل على صناعة ميليشيات مسلحة تضاف إلى المنظمات الإرهابية التي تتواجد في عدة مناطق.
ومواجهة التغلغل الإيراني يكون بالعمل على غلق كل المنافذ الفكرية والسياسية والأمنية والمالية، التي يتسلل منها مشروع الملالي الهدام، وأيضًا العمل الجاد من أجل مساعدة الشعب الإيراني للتحرر من حكم الفاشية الطائفية المتسلطة عليه، ودون ذلك فالخطر الإيراني سيزداد ويتصاعد أكثر فأكثر وسنشهد سقوط دول عربية أخرى، لا قدر الله.
- الحقيقة أن الوعي العام لدى الشعوب العربية ضد مخططات الملالي يزداد ويتوسع، بفضل جهود إعلامية وسياسية ونضالية وتجارب شعبية نراها في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرهم، غير أنه على المستوى الرسمي العربي توجد خلافات حيث نجد أنظمة تابعة للنظام الإيراني، وتوجد أخرى موالية، وتوجد حكومات عربية غير مبالية بخطر الخمينية الهدامة، وهذا ما ساعد المشروع في التغلغل رغم وعي الجماهير ومناهضة بعض الدول له، فضلًا عن الخلافات القائمة بين العديد من الدول التي أعطت فرصة للملالي كي يتغلغلوا في العمق العربي والإسلامي، والخلافات العربية بين الدول كان لها آثرها السلبي وشرع الأبواب لكل الأجندات الدولية وفي مقدمتها مشروع طهران الهدام.
- في تقديري أن التقارب القائم بين إيران والسعودية أملته ظروف دولية وإقليمية معينة، فضلًا عن الوضع الداخلي والخارجي الذي يمر به نظام الملالي في إيران، والاتفاقيات بين أطراف متناقضة سياسيًا وفكريًا وعقائديًا كما هو الحال بين الرياض وطهران، لا يمكنها أن تمكث طويلًا، وسرعان ما تتهاوى في أول خلاف استراتيجي، فما جري بين السعوديين والإيرانيين هو اتفاق بين أعداء ضمن إطار معين رعته الصين، وإن كانت السعودية دولة لا تنقض العهود ولا تغدر بالحلفاء، إلا أن الجانب الإيراني لا أمان له، فهو يريد أن يتجاوز عنق الزجاجة، وبمجرد أن تستقر له الأمور وتظهر له آفاق أخرى ينقلب على عقبيه ويغدر بمن وثقوا به وينقض كل العهود والوعود.
والعلاقات العربية- الإيرانية لا مستقبل لها، مهما كان حجم الاتفاقيات حتى بين الدول الكبرى وفي مقدمتها السعودية ومصر، فوجود الملالي يرتبط بمشروع تهديم وتخريب الدول العربية من داخلها عبر خلق نزعات انفصالية وعنصرية وطائفية.
- نظام الملالي ـ كما قلت ـ يرتبط وجوده بمشروعه التوسعي ومبني على تنظيمات ومنظمات وأنظمة أغرقت العالم العربي والإسلامي في الإرهاب والحروب والنزاعات والصراعات الدامية، ولا يمكن أن يتخلى عن مشروعه الوجودي، ومن يراهن على غير ذلك فهو يتوهم فقط. لا علاج لمشروع الخمينية إلا سقوط حكم المعممين الفاسد والجائر والمستبد، ودون ذلك على كل الدول العربية والإسلامية أن تنتظر دورها في طابور التخريب والتهديم والحروب القادمة من طهران.
- في تقديري أن نظام الملالي يمتلك ثلاثة مشاريع في مشروع واحد، وهي الصواريخ الباليستية والميليشيات الإرهابية والمفاعلات النووية، وفي حال وضعه أمام المحك فهو يمكنه أن يتخلى عن مشروعه النووي بشكل ما، ويمكن أيضًا أن يوقف صناعة الصواريخ البعيدة المدى لأنها كلها تهدد أمن (إسرائيل) ودول الغرب، لكن لا يمكنه أبدًا التخلي عن ميليشياته الطائفية والإرهابية مهما كان الثمن، لأنها لا تشكل أي خطر على القوى الكبرى، وخطرها فقط على الدول العربية والإسلامية.
وفي رأيي أن الطموح النووي لن يتخلى عنه الملالي مهما كانت الظروف، لكن التخلي عن بعض التجارب والمفاعلات فهي ممكنة ولكن تكون مقابل الحصانة لميليشيات في دول عربية وإسلامية، وعدم تهديد نفوذ الملالي في المنطقة خاصة.
- نظام الملالي مهدد ويعيش في أخطر مراحله ويمر بأحلك ظروفه مع شعب إيراني لم يعد يحتمل الفاشية والوحشية الخامنئية، والثورة الشعبية رغم القمع والاضطهاد إلا أنها تجذرت في الشارع الإيراني. إضافة لتزايد وتمدد نفوذ المعارضة الإيرانية وفي مقدمتها المقاومة بقيادة السيدة مريم رجوي.
وبالنسبة لخلافة خامنئي فالتكهنات كثيرة والخلافات موجودة وستظهر للعلن بعد وفاة المرشد الأعلى الحالي، الذي يميل لإبنه مجتبى خامنئي، ولكن هناك أطرافًا كثيرة لها أطماع ومن بينها الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي الذي كان يطمح في المنصب قبل توليه الرئاسة، وأيضًا الرئيس السابق حسن روحاني.
وبغض النظر عن الشخص الذي سيخلف خامنئي إلا أنه في تقديري ستتعقد أكثر أوضاع نظام الملالي في إيران، وستزداد الضغوطات الداخلية، بل ستظهر صراعات وتصفية حسابات وتمرد أيضًا لبعض الوجوه، فالمرحلة القادمة صارت مرعبة للدولة العميقة في نظام ولاية الفقيه.
وفي الأخير أشكركم على هذه الفرصة وتمنياتي لكم بالتوفيق في مشواركم الإعلامي المناهض لمشاريع عدائية تهدد أوطان العرب والمسلمين.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية