أكد الناشط حبیب الله البلوشی، رئیس حزب التضامن الوطنی البلوشستاني، أن ما أعلنته وسائل الإعلام أن الهجوم الإيراني على باكستان هو الأول ليس صحيحًا بالمرة، فالأمر ليس كذلك، فقد نفذت إيران عدة هجمات بطائرات بدون طيار على أراضي بلوشستان الشرقیة من قبل واغتالت شخصیات، أحدهم محمد عمر شاهوزاهي، أحد المسلحين المعارضين للحكومة الإيرانية.
وأضاف رئیس حزب التضامن الوطنی البلوشستاني، في حوار لـ "بلوشستان"، أن هجوم هذه المرة تسبب في توتر وردت باكستان على الهجمات الإيرانية بسبب الضجيج الإعلامي لهذه الهجمات وتزامنها مع سلسلة هجمات مماثلة شنتها إيران على أربيل کردستان وسوريا.
وحذر حبيب الله البلوشي، إيران من نفس سياسة الشاه في قمع البلوش وأن نظرتهم للبلوش هي وجهة نظر استعمارية. تقول هذه النظرة الاستعمارية أنه من أجل السيطرة على الشعب البلوشي، يجب أن يظلوا فقراء، ولا ينبغي السماح لهم بالنمو في التعليم، ويجب إيقاف أي نوع من المنظمات والحركات المدنية والثقافية للبلوش حتى لا تكون المنطقة يسمح لها بالنمو ونتيجة لذلك يصبح من السهل السيطرة عليها... وإلى نص الحوار:
- نعم يمكن القول أنه نظرًا للموقع الاستراتيجي والثروات الطبيعية التي تتمتع بها هذه المنطقة، فقد استمرت مؤامرة دول الجوار واحتلال بلوشستان. ومع ذلك، فإن احتلال وتقسيم بلوشستان في البداية لم يكن له سبب داخلي، بل له سبب خارجي. عندما كانت إنجلترا تحتل الهند، قامت تدريجيًا بغزو المناطق المجاورة للهند، ومن بينها بلوشستان. كان أحد الأسباب الرئيسية لاحتلال البريطانيين لبلوشستان هو قلق البريطانيين بشأن التقدم المحتمل للقوات الإمبراطورية الروسية القیصریة إلى الهند، ولهذا الغرض قررت الإمبراطورية البريطانية في ذلك الوقت احتلال جزء من دولتي بلوشستان وأفغانستان وإنشاء حدود بينهما لمنع أي نوع من التوسع الروسي. وفي الواقع أصبح البلوش ضحية للعبة بين القوتين العظميين في ذلك الوقت، والتي يشار إليها The Grate Game أي اللعبة الكبرى. والآن قد بدأت اللعبة الکبری الثانیة فی بلوشستان مع توجه کثیر من الدول الکبری صوب بلوشستان.
- عندما كانت بريطانيا في حرب باردة مع روسيا القيصرية وقررت احتلال جزء من بلوشستان، كان ناصر الدين شاه قاجار في السلطة في إيران. قبل ناصر الدين شاه قاجار، كان الملكان السابقان القاجاری قد فشلا في الحروب التي خاضاها مع روسيا، مما أدى إلى خسارة بلاد فارس (إيران) للعديد من الأراضي في المنطقة الشمالية، وأدى ذلك إلى إضعاف موقف حکام إيران، وكذلك كانت هناك مشاكل داخلية في البلاد بسبب الحروب بين إيران وروسيا. في مثل هذا الوضع، رأى البريطانيون في إيران القاجارية فرصة، ومن أجل تعزيز إيران ضد روسيا، اقترحوا للقاجاریین احتلال الجزء الغربي من بلوشستان بدعم من البريطانيين، وقد تحقق ذلك أيضًا. وبهذا الإجراء، تمكن ناصر الدين شاه من إضافة حدود جديدة لإيران واستقرار موقفه تجاه شعب إیران.
الحدود الحالية لإيران تشكلت من خلال إضافة بلوشستان إلى إيران في فترة ناصر الدين شاه. بعد الاحتلال، أخذ ملوك القاجار ضرائب باهظة من بلوشستان المستعمرة واستخدموا هذه المنطقة كمصدر دخل لصالح طهران، وتم تنفيذ هذا الدخل أيضًا بقمع عسكري شديد، وهذا الوضع لاحقًا في الفترات البهلوية والجمهورية الایرانیة، ولهذا السبب كانت الحركات التحررية تتشكل دائمًا في بلوشستان ضد الحکومات الایرانیة.
- كما ذكرت سابقًا فإن أحد الأسباب الرئيسية لتشكيل مجموعات المقاومة في بلوشستان يعود بالدرجة الأولى إلى احتلال بلوشستان من قبل الأجانب، وثانيًا، ومن نتائج هذا الاحتلال أنه لم تكن هناك نية لتطوير وتقدم بلوشستان من قبل حكومات إيران وباكستان وأفغانستان، ولهذا السبب يعتبر الشعب البلوشي من أفقر الشعوب في الشرق الأوسط والعالم على الرغم من امتلاكه لموارد طبیعیة كثيرة. الشعب البلوشي لا يمكنه أن يقبل أويتسامح مع مثل هذا الأمر، ولذلك قام بنضالاته التحررية على مر الزمن والمناسبات المختلفة. والآن، فإن نضالات تحرير الشعب البلوشي وصلت إلى مستوى جيد، والذي نادرًا ما كان في مرحلة متقدمة في تاريخ القرن الماضي. أعتقد أن حركة تحرير بلوشستان بشکل عام يمكنها أن ترفع القضية البلوشية إلى مستوى جيد في العالم في السنوات القادمة وتظهر كيف أن هذا الشعب تحت القمع وستقنع العالم بسلوكها الحضاري بأن تشكيل وإعادة تأسيس الدولة البلوشية أمر ضروري ونافع للمنطقة والعالم.
- بداية يجب أن أذكركم أننا نسمي منطقتنا بلوشستان فقط واسم "سيستان وبلوشستان" هو الاسم الذي اختارته الحكومة البهلوية والجمهورية الإيرانية الحالية، وفي الواقع سيستان هي إحدى مناطق بلوشستان وأیضًا هذه فقط محافظة من مناطق بلوشستان وهناك جزء من بلوشستان یقع حالیًا ضمن محافظة کرمان وجزء یقع ضمن محافظة هرمزجان وهذا کان تقسیمًا هادفًا من أجل إضعاف بلوشستان. هذا للتوضيح.
وللإجابة على السؤال، منذ عام 2000، لفتت إيران انتباهها إلى بلوشستان ونشرت قوات الحرس الثوري في هذه المنطقة وأوكلت أمن المنطقة بأكملها إلى قاعدة القدس الجنوب الشرقیة التابعة للحرس الثوري. وفي عام 2010 تقريبًا، بدأت أيضًا سياستها الموجهة نحو سیاسة بحریة. لقد اعتقدت إيران أننا بحاجة إلى قوة بحرية قوية لكي نصبح قوة عظمى إقليمية وعالمية، لذلك وضعت هذا البرنامج على جدول الأعمال. ونظرًا لأن سواحل بلوشستان هي السواحل المحيطية الوحيدة لإيران، فقد زاد التركيز على بلوشستان. وفي الوقت نفسه، أدرجت سواحل بلوشستان ضمن سياسة طريق الحرير، أو الحزام والطريق الصيني، واكتسبت أهمية خاصة، وبدأت الصين استثمارات عسكرية واقتصادية واسعة النطاق في ميناء جوادار عبر باكستان. وفي الوقت نفسه، أعلنت باكستان أنها اكتشفت النفط على سواحل بلوشستان. كل هذه الحالات دفعت إيران إلى بدء سياسة مماثلة بالنسبة لساحل بلوشستان، الأمر الذي لفت انتباه الهند لدخول ميناء تشابهار لمنافسة الصين أیضًا. في النهاية، كل هذه الاهتمامات جعلت بلوشستان تدخل المعادلة الإقليمية والعالمية، وبما أن سكان هذه المنطقة هم الشعب البلوشي، ففي الوقت نفسه، اعتبرت إيران هذا الموضوع بمثابة خطر، لأن الصين حالیًا في بلوشستان الشرقية تواجه مشاكل أمنیة لمشاریعها العسکریة والاستثماریة، وكانت هناك هجمات عسكرية مختلفة ضد الصين وقوات جیش باکستان. إیران رأت ذلك ومن أجل حل هذه المشكلة على سواحل بلوشستان، التي تلعب دورًا مركزيًا في الاتفاق الذي دام 25 عامًا بين إيران والصين، وضعت خطة ممنهجة لتغيير التركيبة السكانية لسواحل بلوشستان على جدول الأعمال. حاليًا، وبأمر من علي خامنئي، سيتم توجيه ما يصل إلى عشرة ملايين شخص من المناطق المرکزیة والفارسية في إيران وإعادة توطينهم في بلوشستان من أجل تحييد أي تهديد من قبل البلوش ضد مشاریعهم المستقبلیة والحالیة. خطة التغییر الديموغرافي لبلوشستان هي من أخطر المخططات التي عرضت وجود الشعب البلوشي للخطر. الشعب البلوشي لیس راض عن هذا الأمر ومن أجل حفظ أرضه وحفظ کرامته، ومن أجل أن یکون لهم الدور الرئیسی فی إدارة بلوشستان بدأوا بالنضال.
- نعم هذا صحيح. ولو كان حاكم بلوشستان (قلات) قد فعل ذلك بموافقته، لما شهدنا أفراد عائلته يدخلون في حرب مع الحكومة الباكستانية آنذاک. وأيًا كان الأمر، فإن بلوشستان كانت دولة مستقلة واحدة قبل الدخول البريطاني، وبعد الخروج البريطاني أصبحت دولة مستقلة قبل تأسیس باكستان. لماذا توافق دولة مستقلة لها برلمان وجيش على أن تصبح جزءًا من دولة أخرى حديثة النشأة بالطوع؟! ولسوء الحظ، منذ ذلك الحين، كانت علاقات باكستان مع البلوش مصحوبة دائمًا بالقمع، وقد أدى ذلك إلى إعادة تشكيل مقاومة واسعة النطاق في بلوشستان من أجل الاستقلال. تستغل باكستان موارد كبيرة من الذهب والغاز في بلوشستان، وجاء في تقرير نشرته مؤخرًا صحيفة بلوشستان بوست أن ۶۵٪ من الأطفال البلوش لا يدرسون بسبب نقص المدارس والفقر الشدید، وحالة البنية التحتية فی بلوشستان سيئة للغاية ومعظم المناطق ليس لديها الكهرباء والماء والغاز. بلوشستان في حالة سيئة للغاية من الطرق، والفساد منتشر فی باکستان، ولا توجد مستشفيات ومراکز طبية، وتزهق أرواح المئات من الناس كل عام، إلى جانب آلاف الشباب، ويفقد النشطاء أو يقتلون ويغتالون، وهذا سبب بتشكيل مظاهرات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة لتحديد وضع هؤلاء الأشخاص المفقودین أو توقع الاغتیالات، وطالما استمرت باكستان في هذه الممارسة، فإن نضالات حركات التحرر البلوشیة ستستمر أيضًا. وفي السنوات الأخيرة، أضيفت العديد من التنظيمات المسلحة إلى التنظيمات السابقة في شرق بلوشستان، ودخل بعضها في التضامن والتحالف مع بعضها البعض، وقد أدى ذلك إلى عمليات واسعة ضد الجيش الباكستاني والقوات الصينية وغيرها.
- بالإضافة إلى احتلال بلوشستان، في الوضع الحالي يتعرض البلوش لقمع شديد، البلوش في إيران هم أفقر شعب في إيران، تُمنع عبادتهم ومساجدهم، وتمنع لغتهم وثقافتهم، ويتعرضون لقمع بشتی الأنواع ومتعدد الطبقات، نری أکبر عدد من عمليات الإعدام الایرانی ضد مواطنیه في بلوشستان. في العام الماضي وحده، وفقًا لتقرير حملة النشطاء البلوش، وهي منظمة لحقوق الإنسان تراقب الوضع في بلوشستان، قُتل وجُرح أكثر من 1000 شخص على يد الشرطة والحرس الثوري الإيراني والوكالات العسكرية والأمنية الأخرى وحدها. ففي واقعة واحدة فقط، قُتل أكثر من 100 شخص وجُرح 300 شخص في يوم واحد فی مدینة زاهدان ضد المتظاهرین العزل السلمیین من البلوش. كل هذه الحالات هي السبب الرئيسي لظهور الجماعات المسلحة ضد الحكومة الإيرانية.
- على عكس ما تعلنه وسائل الإعلام أن هذا هو الهجوم الأول لإيران، فإن الأمر ليس كذلك، فقد نفذت إيران عدة هجمات بطائرات بدون طيار على أراضي بلوشستان الشرقیة أعنی الباكستانية من قبل واغتالت شخصیات، أحدهم محمد عمر شاهوزاهي، أحد المسلحين المعارضين للحكومة الإيرانية والذی قُتل في هجمات الطائرات بدون طيار الإيرانية في عمق الأراضي الباكستانية، ولكن لماذا هذه المرة الأمر تسبب في التوتر وردت باكستان على الهجمات الإيرانية؟ السبب في اعتقادي هو الضجيج الإعلامي لهذه الهجمات وتزامنها مع سلسلة هجمات مماثلة شنتها إيران على أربيل کردستان وسوريا. وهذا قد وضع الحكومة الباكستانية في موقف ضعيف وحرج أمام إيران، وقد أصبحت القضية أكثر أهمية بالنسبة لباكستان. وفي الوقت نفسه، کان باکستان قد انخرط في احتجاجات حاشدة في الشوارع من قبل البلوش وكانت الانتخابات أیضًا على وشك إجرائها، لذلك كانت باكستان بحاجة إلى هذا الجواب لتعزيز موقف جيشها وسیاساتها. ولهذا السبب شنت باكستان هجومًا صاروخيًا على بلوشستان الإيرانية وأعلنت أن هذا الهجوم كان ضد الجماعات الانفصالية. ولكن الحقيقة هي أن النساء والأطفال والناس البلوش العاديين هم فقط من قتلوا من كلا الجانبين.
- السبب الرئيسي لهذه القضية هو احتلال بلوشستان وإدارتها من قبل قوات عسكرية ذات طابع أمني واستعماري. تستخدم كل من حكومتي بهلوي والملالی في إيران نفس السياسة في قمع البلوش ومعارضتهم للبلوش هي وجهة نظر استعمارية. تقول هذه النظرة الاستعمارية أنه من أجل السيطرة على الشعب البلوشي، يجب أن يظلوا فقراء، ولا ينبغي السماح لهم بالنمو في التعليم، ويجب إيقاف أي نوع من المنظمات والحركات المدنية والثقافية للبلوش حتى لا تكون المنطقة يسمح لها بالنمو ونتيجة لذلك يصبح من السهل السيطرة عليها.
- الشعب البلوشي شعب شريف ليس لديه عداوة مع أي أمة وشعب آخر، وما يريده هو أن يعيش حياة بشرف وكرامة. لكن هذا الحق قد سلب منهم باحتلال بلدهم وقمع الشعب البلوشي يوميًا. لذلك، طالما استمرت السياسات القمعية والحكم الاستعماري في بلوشستان، سواء في إيران أو باكستان، أعتقد أن هذه الحرب أو معارك التحرير ستستمر.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية