الاجتياح الفارسي: دراسات في التدخلات الإيرانية في الدول العربية ما بعد عام 2011

- 8 فبراير 2022 - 497 قراءة

لقت التطورات التي شهدتها الأعوام اللاحقة لنهاية الحرب الباردة، والاستخدام المكثف للقوة الأمريكية خاصة بعد أحداث سبتمبر، دافعاً أمنياً للدول الإقليمية لإعادة هيكلة قوتها وفقاً لتلك المتغيرات. كما أنّ التطورات الصناعية والمادية للقوى الإقليمية، أفسحت المجال أمامها لبناء قدراتها وفق مبدأ "الدفاع عن الذات"، عوضاً عن الاعتماد على القوى الكبرى كما كان سائداً فترة الحرب الباردة، والذي أثبت عجزه بعدها. ففي المدى المنظور، قد لا يشهد النظام الدولي تطوراً كبيراً باتجاه التغيير، بينما حمل المدى المتوسط والبعيد مقومات خلق نظام القوى الإقليمية الكبرى بنوعيها:

  • قوى إقليمية كبرى تمارس نفوذها ضمن محيطها، وتلعب دوراً قيادياً على الساحة الدولية.
  • قوى إقليمية تكتفي بممارسة نفوذ ضمن محيطها، ويقتصر دورها على رعاية مصالحها الإقليمية.

أي إنّ العلاقة ضمن رؤية نظام القوى الإقليمية الكبرى، قد تنشأ ضمن إطار الصراع بين تلك القوى على توسيع دائرة النفوذ الإقليمية، فكلما ازدادت قوة دولة إقليمية كبرى، فإنها ستجنح لامتلاك نفوذ أكبر ضمن أقاليمها المجاورة، وهو ما قد يدفع العلاقات الدولية (الإقليمية) إلى حالة جديدة من الصراع، تشبه الحالة التي كانت قائمة في العصور الوسطى.

ونتيجة لطبيعة هذا النظام، فإنّه يعتمد على الآليات التالية:

  • التحالفات ضمن الإقليم الواحد، وما بين الأقاليم.
  • السعي إلى مزيد من حالة التسلح بين المراكز الإقليمية، سعياً للوصول إلى حالة الردع المتبادل، وخاصة أن السلاح النووي بات شبه متاحٍ للدول الإقليمية الكبرى.

وعليه، يتنازع إقليما المشرق والخليج العربيان، عدة قوى إقليمية، للسيطرة عليهما، أو تحديد توجهاتهما السياسية. وتتباين مصالح هذه القوى وأدواتها، وفقاً لنظرتها الاستراتيجية للمنطقة ككل، حيث تسعى إيران للهيمنة على الإقليمين بأدوات عسكرية وسياسية واقتصادية، وعبر التدخل المباشر فيهما. وبينما تحاول تركيا التغلغل في الإقليمين بأدوات اقتصادية وسياسية، فإن إسرائيل تسعى لمنع ظهور قوى إقليمية تنافسها على الريادة في المنطقة، لعدم قدرتها على الهيمنة لأسباب موضوعية. فيما تتصدر السعودية الدور العربي، بعد زوال الأدوار السورية والعراقية، وتراجع الدور المصري الإقليمي، وذلك عبر رؤية سياسية واقتصادية عسكرية.

وقد شكل المحيط العربي محطّ أطماع للدولة الإيرانية على امتداد تاريخيها، تحت حجج مختلفة وفقاً لشكل النظام المهيمن على الحكم في طهران. وقد استلهم النظام الجمهوري كثيراً من تلك الحجج مع تثقيل العامل الديني/المذهبي في إعادة صياغة الأطماع الإيرانية، وتحديث آليات التدخل في المحيط العربي، معتمداً على بناء فكري-سياسي تمت مأسسته منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وتم تعزيزه منذ عام 2003 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

فيما شهدت المنطقة، ومنذ عام 2011، توغلاً إيرانياً شمل عديداً من الدول العربية، فيما يشبه إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية، عبر أدوات الهيمنة العسكرية المباشرة، وعبر الميليشيات الطائفية المسلحة، وعبر حكومات وأنظمة، وبأدوات اقتصادية وعسكرية وسياسية واجتماعية ودينية وديموغرافية، أدت بالمحصلة إلى تدمير محطيها العربي، وتشتغل على توسيع دائرة التدمير تلك.

ويتناول الكتاب في قسمه الأول، المحددات النظرية التي قامت عليها السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية تحديداً. فيما يدرس قسمه الثاني، التدخل الإيراني في البيئة العربية، بعد عام 2011، عبر نماذج سورية ودول الخليج العربي وتونس خصوصاً، مع عودة لتواريخ سابقة لضرورات العملية البحثية. كما يدرس تطورات العلاقات الإيرانية مع بعض الدول العربية بعد توقيع الاتفاق النووي.

أما القسم الثالث، فيتناول دراسة التوجهات الإيرانية لبناء علاقات إقليمية ودولية تخدم مخططاتها في الهيمنة على العالم العربي، وذلك عبر دراسة العلاقات الإيرانية مع إسرائيل وروسيا وتركيا.

ويبقى هذا الكتاب، جهداً توثيقاً لجملة أبحاث اشتغلنا عليها طيلة سنوات مضت (حتى عام 2019)، ليكون بمثابة إطار جامع لها. وتتمة لكتابنا الأول (إيران: انهيار في الداخل)، الذي يدرس الشأن الداخلي الإيراني.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.