النسر وليس مخلبه

- 1 أكتوبر 2024 - 357 قراءة

في 24 أبريل/نيسان 1980، وبعد قيام النظام الإيراني باقتحام السفارة الأمريکية في طهران واحتجاز 52 من طاقم السفارة الأمريکية في طهران، أمر الرئيس الأمريکي الأسبق، جيمي کارتر، بتنفيذ عملية "مخلب النسر"، لإنقاذ الرهائن، وهي العملية التي فشلت بسبب عاصفة رملية، وفي 25 أبريل/نيسان 1980، وبعد أن أعلن البيت الأبيض فشل العملية، أدان الخميني  کارتر وقال بخصوص العملية: "إن الله أنعم على الحکومة الإسلامية بمعجزة العاصفة الرملية"، وهو يلوح بأن النظام محمي من السماء ولا يمکن التعرض له!

هذه العملية التي يبدو أن الأمريکيين قد تسرعوا فيها کثيرًا وکان ينقصها الکثير من المزيد من التخطيط والأمور والاستعدادات إلى جانب الوقت الذي کان في غير صالح الأمريکيين والعامل الزمني في هکذا عمليات بالغ الأهمية من مختلف النواحي وقطعًا فإنه قد خدم الخميني ونظامه في ذلك الوقت کثيرًا.

توقيت وفشل هذه العملية ليس کتوقيت وفشل عملية "سقوط النسر" التي قامت الجستابو الألمانية بتنفيذها عشية الحرب العالمية الثانية من أجل اختطاف رئيس الوزراء البريطاني"ونستون تشرشل"، في وقت کان في عز تألقه وإمساکه بزمام الأمور، حيث قامت الجستابو بتنفيذ خطة أعدت بموجبها شبيه لتشرشل يحل محله بعد إختطافه، وکان من المزمع تنفيذ العملية أثناء ما کان تشرشل يزور إحدى الکنائس وإختطافه من هناك، لکنه لم يزر الکنيسة وساد إرتباك بين عملاء الجستابو لهذا التطور وسرعان ما انکشف أمرهم وانتهت العملية إلى الفشل، مع الأخذ بنظر الاعتبار إن نجاح العملية کان من الممکن أن يغير من مسار الأحداث والتأريخ نفسه.

عند الحديث عن هاتين العمليتين اللتين أعتقد بأن الموساد الإسرائيلية درستهما من مختلف الجوانب وعرفت عيوبهما وثغراتهما لتخطط في ضوئهما بصورة أدق وإلى أبعد حد ممکن سيناريوهات ولکن بسياقات وأهداف مختلفة، يأتي في وقت شهد العالم کله أهمية العامل الاستخباري في تحقيق أهداف استراتيجية بالغة الأهمية، ومن هنا فإن الموساد الإسرائيلية قد أثبتت جدارتها بهذا الصدد إذ وبعد إختطاف نصف طن من الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني من طهران وبعد إغتيال أب البرنامج النووي الإيراني فخري زادە في طهران أيضًا، جاءت عملية إغتيال إسماعيل هنية في طهران أيضًا، والعملية الأخيرة للموساد هي الأخطر وحتى إنها بمثابة رسالة للخامنئي نفسه من إنه قد يکون الهدف التالي، وهذا في حد ذاته قد يکون سببًا ليس لتأخر الرد الإيراني للثأر لإغتيال هنية بل وحتى إلغائه!

الصخب والفوضى العبثي الذي أحدثته وتحدثه الفصائل التابعة لملالي إيران في بلدان المنطقة ولاسيما حزب الله اللبناني الذي يبدو إنه قد ذهب أبعد ما يکون عن الحدود المرسومة له وبات يتصرف وکأنه کملالي إيران لايعترف بالحدود والأنظمة والقوانين الدولية المرعية، ولعل جعله لبنان واحدة من الدول الفاشلة بسبب دوره ونشاطه المشبوه في هذا البلد وکذلك دوره ونشاطه في العراق واليمن وسوريا اللواتي أيضًا أصبحن ببرکة النظام الإيراني من الدول الفاشلة، فإنه وبعد کل الذي قيل ويقال عن حصانته ومناعته جاءت حرب صيف 2006، لتجعله يتعظ ويعرف حجمه لکنه وکما يبدو وبعد ما أشيع أن ملالي إيران قاموا بإرسال ما يقارب من 13 مليار دولار من أجل إعادة ما خرب من جراء تلك الحرب، فقد عاد إلى سابق عهده فجاءت الهجمات الإسرائيلية المتتالية لتصفية کوادره القيادية بحيث لم يعد هناك من قائد ذو إعتبار إلا حسن نصرالله!

في طهران خامنئي مهدد وفي بيروت حسن نصرالله  الذي کان مهددًا وقد نفذوا التهديد ونالوا منه، واللعبة مازالت مستمرة والمثير للتهکم إن خامنئي يصف الصمت العربي الإسلامي على ما يجري لحزب الله بأنه "مخزي"، وينسى أو يتناسى بأن من جاء بحزب الله کمصيبة وبلاء على لبنان وشعبه والمنطقة والعالم، هو نظامه وإن ما يجري الآن هو حاصل تحصيل للدور"المافيوي" لعصابة وليس حزب حسن نصرالله وإنهم يحصدون ما زرعوه، وإن الدائرة التي باتت تضييق بملالي إيران ورموزه في المنطقة بل وحتى أنه لم يعد الهدف "مخلب النسر" بل "النسر" ذاته، وفي ظل الصمت المعتاد لبکين وموسکو، فإن صورة المنطقة للأعوام التالية ستتوضح أکثر، إما ذهاب النسر أو نتف ريشه کله!

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.