"يوم التأسيس" السعودي... صفحات مشرقة من التاريخ

- 13 أغسطس 2025 - 29 قراءة

الملك سلمان بن عبد العزيز أصدر أمرًا ملكيًا بأن يكون يوم 22 فبراير/شباط من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة

 

"يوم التأسيس" السعودي رسالة للعالم أجمع بأن المملكة ليست حديثة النشأة... بل إنها امتدادٌ لتاريخٍ عريقٍ

 

د. ماجد آل سعود: إحياء ذكرى التأسيس ليس مجرد احتفاء بحدث تاريخي بل هو تجديد للولاء والانتماء

 

 

في 27 يناير/كانون الثاني 2022 أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرًا ملكيًا بأن يكون يوم 22 فبراير/شباط من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم "يوم التأسيس"، بناءً على ما استنتجه المؤرخون وفقًا للمعطيات التاريخية التي حدثت خلال تلك الفترة، وشهدت تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية، والعديد من الإنجازات في عهده.

ونصَّ الأمرُ الملكي الذي أصدره الملك سلمان، على تحديد يوم 22 فبراير/شباط من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى، الذي يمثل بدء عهد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139هـ، الموافق لشهر فبراير/شباط من عام 1727.

وأشار الأمر الملكي، إلى أن "الاحتفاء به يأتي اعتزازًا بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في منتصف عام 1139هـ (1727م) للدولة السعودية الأولى التي استمرت إلى عام 1233هـ (1818م)، وعاصمتها الدرعية، ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".

وأكد العاهل السعودي، ما أرسته الدولة السعودية من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، إذ لم يمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها، حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها، وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م)؛ وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة، ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة الإقليمية الكبرى.

 

دعائم الحكم الرشيد

 

يُعد يوم التأسيس في المملكة العربية السعودية لحظة فارقة في تاريخ البلاد، حيث تمثل بداية مرحلة جديدة من الاستقلالية والوحدة الوطنية والتطور الشامل.

ويوم التأسيس، هو بكل المقاييس مناسبةٌ وطنيةٌ عزيزةٌ على كل السعوديين والعرب، تحمل في طياتها معاني الفخر والاعتزاز بتاريخ الدولة السعودية الأولى، فهو يذكرنا بأن المملكة قامت على أسسٍ متينة، واستمرت رغم التحديات، حتى أصبحت اليوم نموذجًا للنهضة والازدهار.

إنه يومٌ يستعيد فيه السعوديون صفحاتٍ مشرقةً من التاريخ، ويجددون العزم على مواصلة المسيرة بنفس روح الوحدة والعزيمة التي بدأت بها قبل ثلاثة قرون. وكما نجحت الدولة السعودية في بناء كيانٍ متماسك في الماضي، فإن الأجيال الحالية والمستقبلية مطالبة بالحفاظ على هذا الإرث، والمضي قدمًا نحو تحقيق رؤية المملكة الطموحة، لتبقى السعودية دائمًا نموذجًا للقوة والاستقرار والتنمية المستدامة.

ومن خلال الاحتفال بهذا اليوم، يتجلى عمق الحضارة السعودية التي تمتد لقرون، فالدولة السعودية لم تكن مجرد كيانٍ سياسي، بل كانت منارةً للعلم والثقافة والاستقرار في المنطقة. وقد أسهمت في ترسيخ دعائم الحكم الرشيد، وأرست مبادئ العدالة والأمن، وهو ما ساعد في استمرارها وتطورها عبر العصور.

لذلك، فإن الاحتفال بهذا اليوم يعد رسالةً واضحةً بأن المملكة ليست حديثة النشأة، بل هي امتدادٌ لتاريخٍ عريقٍ ضاربٍ في جذور الزمن، كما أن الدولة السعودية الأولى أرست نموذجًا للحكم القائم على الاستقلالية والقوة والتخطيط الاستراتيجي، مما جعلها قادرةً على مواجهة التحديات والاستمرار رغم التغيرات السياسية والجغرافية التي شهدتها المنطقة.

واختيار يوم التأسيس لإحياء ذكرى أمجاد الدولة السعودية الأولى، هو دعوة إلى الاعتزاز بجذور الدولة الراسخة منذ القدم، ودعوة إلى تعزيز الارتباط بين المواطنين وقادتهم الذين قادوا هذه البلاد إلى مجدها، والاعتزاز بالوحدة الوطنية والأمن والاستقرار، الذي أرست دعائمه الدولة السعودية، والفخر بإنجازات ملوكها أبناء الملك المؤسس في تعزيز البناء والوحدة.

وعلى عكس ما يُشاع عن حداثة تاريخ الدولة السعودية، فإن تاريخ الدولة موغل في القدم، إذ يعود تأسيس الدولة الأولى إلى أكثر من ثلاثة قرون، حافظت خلالها على صمودها واستقلالها عن أي نفوذ خارجي، ومنذ تأسيسها حتى اليوم وهي دولة عربية خالصة بحكامها وشعبها.

 

أداء العرضة الوطنية

 

أطلقت المملكة الهوية البصرية ليوم التأسيس، وهو شعار يحمل خمسة رموز تاريخية للدولة السعودية الأولى، يتوسطها أيقونة رجل يحمل الراية، وتحيط بها رموز تمثّل دلالات على عناصر تراثية بارزة، هي: النخلة، والعلم السعودي، والخيل العربي، والصقر، والسوق، وكُتب على الشعار "يوم التأسيس 1727م"، بأحد خطوط الكتابة التاريخية المستلهمة من مخطوطٍ قديم يؤرّخ لأحداث الدولة السعودية الأولى.

ومن الفعاليات المصاحبة للاحتفال بيوم التأسيس، عروض أداء "العرضة الوطنية" في الساحات والميادين العامة لمدن المملكة، تؤديها الفرق الشعبية، حاملين في أيديهم الأعلام والسيوف التي ترمز لأمجاد الدولة وقوتها، كما نُظمت مسيرات استعراض للأزياء التقليدية، حيث يرتدى فيها المواطنون الأزياء التراثية تعبيرًا عن الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية، وكانت "هيئة الأزياء السعودية" قد أصدرت لهذا الغرض دليل أزياء يوم التأسيس، ويحمل شعار "لبسنا يوم بدينا"، للدعوة إلى المشاركة في الاحتفال باللباس التقليدي.

وتتجلى مظاهر الفرحة بارتداء النساء والرجال والأطفال على اختلاف أعمارهم الزي التقليدي السعودي كلٌ حسب منطقته، فنجد أزياءً من المنطقة الوسطى والشمالية والجنوبية، وأخرى من الغربية والشرقية، تعكس في ألوانها وتطريزها تاريخًا عريقًا تمتد جذوره إلى 3 قرون سابقة وحاضرٍ مستمر.

ويقول د. ماجد بن ثامر آل سعود، إن إحياء ذكرى التأسيس ليس مجرد احتفاءٍ بحدثٍ تاريخي، بل هو تجديد للولاء والانتماء، وتأكيد على أن المملكة قامت على أسسٍ راسخةٍ من الوحدة والاستقرار. فقد شهدت الدولة السعودية الأولى صراعات وتحديات كبيرة، إلا أنها صمدت بفضل تلاحم قيادتها وشعبها. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لإسقاط الدولة السعودية الأولى، إلا أن جذورها بقيت ثابتة في عمق الجزيرة العربية، ما مهد الطريق لاستعادة الدولة السعودية الثانية، ثم تحقيق الوحدة الكبرى على يد الملك عبد العزيز آل سعود في عام 1932، والتي أسست المملكة العربية السعودية الحديثة.

ويضيف د. ماجد آل سعود، أن يوم التأسيس يعكس مسيرةً حافلةً بالشجاعة والإنجازات، فهو يذكر الأجيال الجديدة بجذورهم العريقة، ويحفزهم على المضي قدمًا في بناء مستقبلٍ يليق بتاريخ المملكة العريق.

ويؤكد آل سعود، أن استذكار هذا اليوم يتيح الفرصة للتأمل في التحولات التي مرت بها الدولة السعودية منذ نشأتها الأولى، ويدعو إلى الفخر بالتقدم الذي تحقق بفضل رؤيةٍ حكيمة وقيادةٍ رشيدة. كما أن الاحتفاء به يعزز الهوية الوطنية، ويذكّر الجميع بأن هذا الوطن العظيم لم يكن وليد لحظة، بل هو نتاج تاريخٍ طويلٍ من البناء والتحديات والتضحيات، وهو ما يجعل المسؤولية أكبر في الحفاظ على هذا الإرث، وتطويره بما يتناسب مع تطلعات الأجيال القادمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

  1. ما هو يوم التأسيس في المملكة العربية السعودية؟، موقع موناتو، 7 مارس/آذار 2024.
  2. "يوم التأسيس السعودي: استذكار التاريخ وترسيخ الهوية الوطنية"، موقع سبق، 22 فبراير/شباط 2025.

 

* رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية

 

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.