ولد الشهيد سليمان آدي في قرية لوتكا التابعة لمنطقة قامشلو، لعائلة فلاحية بسيطة مكوّنة من ستة أفراد. كان أصغر إخوته، ونشأ في بيئة قروية ريفية تحمل القيم الكردية الأصيلة، من محبة الأرض، والانتماء القومي، والارتباط بالعائلة.
اضطرت عائلته لاحقًا إلى الانتقال إلى مدينة قامشلو – حي جرنك الصغير – على وقع تردي الأوضاع المعيشية في الريف الكردي المحروم. ثم انتقل سليمان لاحقًا إلى دمشق، على غرار آلاف الشبان الكرد الذين هاجروا إلى العاصمة بحثًا عن لقمة العيش، في ظل غياب أي أفق اقتصادي أو دعم تنموي لمناطقهم.
في صباح يوم 21 مارس/آذار 1986، وبينما كان الشعب الكردي يستعد للاحتفال بعيد النوروز، العيد القومي والتاريخي، خرج الآلاف من الشباب الكرد في مظاهرة سلمية انطلقت من أحياء دمشق، باتجاه القصر الجمهوري، للمطالبة بحقهم في الاحتفال العلني والاعتراف الرسمي بالعيد، الذي كان ممنوعًا حينها بموجب قرارات سلطوية قمعية.
قابلت قوات النظام السوري هذه التظاهرات السلمية بإطلاق النار الحي، وبمشاركة مباشرة من قوات الحرس الجمهوري، ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء، كان أبرزهم سليمان محمد أمين آدي، الذي أُصيب بطلق ناري مباشر في جسده، ليفارق الحياة على الفور.
لم يكن سليمان يحمل سلاحًا، ولم يكن من المنظمين السياسيين أو الحزبيين، بل شابًا خرج ليعبّر عن انتمائه لهويته، وليحتفل بعيد يمثّل أملًا لشعبٍ حُرم من أبسط حقوقه.
يُعد سليمان آدي أول شهيد كردي في دمشق خلال الاحتجاجات المرتبطة بحقوق الشعب الكردي، وقد تحوّل اسمه إلى أيقونة للنضال الكردي المدني السلمي، خصوصًا في أوساط الكرد السوريين في الداخل والمغترب.
استشهاده شكّل لحظة فارقة، أطلقت شرارة الاحتجاجات الكردية التي توالت في العقود اللاحقة، وراكمت الوعي الجمعي الكردي بحقوقه، رغم بطش النظام، وعمليات الاعتقال، والتهميش السياسي والثقافي.
رغم التعتيم الإعلامي الكامل من قبل النظام، تمكّن نشطاء كرد من توثيق استشهاد سليمان، ورفع صوره في المناسبات القومية التالية. وقد أُدرج اسمه في قوائم الشهداء التي أعدتها منظمات حقوقية مثل:
في السنوات الأخيرة، تم إحياء ذكراه في احتفالات نوروز، وسمّيت بعض المنتديات الشبابية والمؤسسات الثقافية باسمه، تخليدًا لروحه، فهو شهيد الهوية الكردية، الذي قُتل لا لذنب ارتكبه، بل لأنه طالب بأن يحتفل بعيد شعبه، في وطنه، بحرية وكرامة.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية