«حرس ثوري» مصري.. بتوقيع «الإخوان»

- 26 إبريل 2022 - 738 قراءة

في أحد مشاهد مسلسل "الاختيار 3"، المعروض حاليًا، يعطي أحد عناصر المخابرات المصرية مديره في العمل (الضابط أحمد عز)، مظروفًا يتضمن تفاصيل الاجتماعات التي رصدها، وفيها يلتقي قيادات جماعة "الإخوان" مع عناصر أجنبية بهدف تكوين ميليشيات مسلحة تتلقى تدريبها في سوريا، لتصبح جاهزة للعمل في مصر. وتكون مهمة هذه الميليشيات هي الإحلال التدريجي محل أجهزة الأمن، المتمثلة في الداخلية والمخابرات والجيش، فما كان من ضابط المخابرات إلا أن قال له بالحرف الواحد: "كده هما عاوزين يعملوا حرس ثوري"!

وحسبما جاء في إحدى حلقات المسلسل، فإن جماعة "الإخوان"، وخاصة خيرت الشاطر، نائب المرشد وقتها، سعت إلى تكوين ميليشيات مسلحة على غرار "الحرس الثوري"، لقناعتها التامة أن المواجهة مع الجيش والشرطة قادمة لا محالة.

واعترف أمير حسين عبد اللهيان، مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية وقتها، وزير الخارجية حاليًا، بتبادل الزيارات خلال حكم جماعة "الإخوان"، وذلك في محاولة من الجماعة لاستنساخ "حرس ثوري" مصري، يتولى مهمة مواجهة "الدولة العميقة" مُمثلة في الجيش والشرطة.

وفي منتدى تحت عنوان "دور سليماني في أمن واستقرار المنطقة والعالم"، عُقد في فبراير/شباط 2020، كشف عبد اللهيان عن زيارته إلى مصر عام 2012، قائلًا: "في ذروة التطورات بمصر 2012 وبعد انتخاب مرسي وهو من الإخوان ذهبت إلى مصر، وتقرر أن تزور الحلقة المقربة من مرسي إيران، حيث أتوا ووقعوا اتفاقيات معنا".

وأضاف عبد اللهيان أن "الوفد المصري عندما زار طهران طلب لقاء قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" حينها، ولو لخمس دقائق، وقالوا لنا إن مرسي طلب منهم لقاء سليماني. وقالوا إن سليماني يدعم الثوار، وهذا الأمر جيد جدًا بالنسبة لنا أن نقول في مصر إننا التقينا الجنرال سليماني".

وتابع المسؤول الإيراني أنه "أبلغ قاسم سليماني بأن الوفد المصري يريد لقاءه، فكان رده أنه في حال كانت مباحثات المصريين إيجابية سألتقي بهم، وهذا ما فعله، حيث التقى بهم وتبادل معهم التحية".

 

زيارة "سليماني" السرية

 

خرجت العلاقات بين إيران والإخوان من السر إلى العلن، خلال عهد الرئيس الراحل مرسي، حيث توالت الزيارات المتبادلة بين الجانبين، وكان أبرزها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى مصر، وزيارته للأزهر، وإشارته بـ "علامة النصر" من هناك.

وذكر مصدر أمني مصري أن بلاده رصدت عدة زيارات لقيادات إخوانية لطهران منذ 2011، وأن "الحرس الثوري" الإيراني أبلغ الإخوان بمجموعة تعليمات تم تنفيذها منذ يناير/كانون الثاني 2011 لإسقاط الدولة المصرية، والتمهيد لتولي الجماعة الحكم.

وقال المصدر إن الجماعة تعاونت مع إيران بشكل كبير خلال الفترة ما بعد يناير/كانون الثاني 2011، وكانت هناك رغبة في تشكيل مجموعات شبابية مسلحة للدفاع عن مصالح التنظيم في مصر على منوال "الحرس الثوري" الإيراني؛ منها "الفرقة 95 إخوان"، التي أسسها القيادي الإخواني أسامة ياسين.

وكشفت مصادر أمنية مصرية النقاب عن اتفاق "الإخوان" مع إيران بالفعل على تشكيل قوات شبه عسكرية تشبه "الحرس الثوري"، حيث قدم سليماني، عدة اقتراحات إلى قيادات التنظيم، طالبًا منهم تنفيذها عبر إدخال عناصر من الجماعة إلى كليات الشرطة والكليات العسكرية.

حاولت الجماعة بالفعل تنفيذ نصيحة "سليماني"، لكن أجهزة الأمن قامت باستبعاد 70 طالبًا من المتقدمين لكلية الشرطة في عام 2012 لعدم الصلاحية، بعدما تبين انتماؤهم لـ "الإخوان"، وكان بعضهم من أقارب قيادات الجماعة خيرت الشاطر وسعد الكتاتني.

على إثر ذلك، اقترح "سليماني" إقامة معسكرات في الصحراء لتدريب العناصر الإخوانية المزمع ضمها لـ "الحرس المصري"، على أن يقوم بتدريبهم عناصر من "الحرس" الإيراني و"حزب الله" وحركة "حماس".

غير أن دخول عناصر "الحرس" الإيراني إلى مصر لتدريب "الإخوان" واجه مشكلة صعبة، وهي إمكانية رصدهم من قبل السلطات المصرية، لذلك جرى الاتفاق على إدخالهم ضمن الأفواج السياحية الإيرانية التي بدأت تتوافد وفقًا لاتفاق بين حكومتي البلدين، منذ أبريل/نيسان 2013.

وبهذه الطريقة، دخل "سليماني" سرًا إلى مصر، منتحلًا هوية سائح إيراني ضمن الأفواج الإيرانية. وخلال تلك الزيارة التقى بقيادات الإخوان، وعلى رأسهم "الشاطر"، للتنسيق والإعداد لتأسيس "حرس ثوري" في مصر.

 

شحنة أسلحة إيرانية

 

رصدت الأجهزة الأمنية المصرية هذه اللقاءات، وعلمت أن الهدف منها هو تشكيل "حرس ثوري" من طلبة كليات التربية الرياضية وكليات الحقوق وتدريبهم لمدة 6 أشهر، في أكاديمية الشرطة بقيادة اللواء عماد حسين، ومن ثم إلحاقهم بعد ذلك للعمل في حماية المنشآت والمقار الإخوانية، ومواجهة قوات الجيش والشرطة، والتمهيد للإطاحة بكافة العناصر غير الموالية لهم في الأجهزة الأمنية، وإحلال هؤلاء محلهم.

وخلال اجتماعه مع "الشاطر"، فوجئ "سليماني" بفيديو لاجتماعاته مع قيادات الإخوان وجوازات سفره المزورة التي دخل بها مصر، على هاتفه الشخصي، كما فوجئ برسالة مفادها أن لقاءاته مرصودة بالصوت والصورة، وأن دخوله مصر كان مرصودًا وموثقًا من جهاز المخابرات العامة.

هذه المفاجأة أصابت "سليماني" بالدهشة والذهول، وأخبر قيادات "الإخوان" بما حدث، فقطع اجتماعه، وقرر المغادرة على الفور ومعه الفوج السياحي الذي رافقه، وكان يضم عددًا من قيادات "الحرس الثوري". ومن بعدها لم يزر مصر مرة أخرى حتى مقتله.

ويقول الكاتب ثروت الخرباوي إن قائد "فيلق القدس" كان يمثل نموذجًا وقدوة غاية في الأهمية للإخوان، وكانوا يحثون شبابهم على الاقتداء به، وأقاموا له سرداق عزاء في تركيا. وبنهاية الربع الأول من 2103، كان الوضع السياسي في مصر قاب قوسين أو أدنى من فوهة البركان المشتعل، بينما كانت جماعة الإخوان تحاول الاعتصام بجميع أسلحتها لمواجهة التيار الشعبي الغاضب، لذلك استدعت جميع حلفائها الذين سارعوا بزيارة القاهرة لنجدة التنظيم؛ وأبرزهم قاسم سليماني. 

وزوّد "الحرس الثوري" الجماعة بشحنة كبيرة من الأسلحة الإيرانية، تولى سداد قيمتها المالية التنظيم الدولي، لتنفيذ هذا المخطط. ومن هذه الأسلحة ألغام أرضية مضادة للأفراد، وبنادق آلية وجرينوف ومسدسات 9 مم، وكميات كبيرة من مادة نترات الصوديوم وبنادق القنص أي إم 50، ومادة "ي سي دي ركس" شديدة الانفجار، والتي تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة.

وبعد وصول الأسلحة إلى مصر، تم تخزينها في مزرعتين بمحافظتي البحيرة والإسكندرية، يمتلكهما قياديان بالإخوان هما شكري نصر محمد البر ورجب عبده مغربي. كما تم الاتفاق على أن يتم تدريب العناصر الإخوانية على تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة في أنفاق أسفل المزرعتين، حتى لا ينكشف الأمر لو حدث انفجار خلال عمليات التدريب على صناعة المتفجرات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

  1. أموال ووثائق من الإخوان إلى إيران.. تنسيق وحرس ثوري، موقع العربية، 1 فبراير/شباط 2021.
  2. فوجئ بصور لم يتوقعها على هاتفه.. ماذا حدث لقاسم سليماني بمصر؟ موقع العربية، 4 يناير/كانون الثاني 2020.
  3. مؤامرة إخوانية إيرانية لاستنساخ حرس ثوري بمصر.. القصة الكاملة، موقع العين، 14 فبراير/شباط 2022.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.