الدور العربي المأمول لإخراج سوريا من المستنقع

- 20 يونيو 2025 - 4 قراءة

احتلت سوريا بأهمية موقعها الجيوستراتيجي مكانة ذات أبعاد استراتيجية في قلب المشاريع الإقليمية المتصارعة. لذا، تسارعت الدول إلى فرض هيمنتها ووصايتها المطلقة، منذ اندلاع الحراك الثوري الشعبي السلمي، وصولًا إلى أزمة شديدة التعقيد بعدما حولت سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وربطها بغيرها من الأزمات على حساب مصالح وإرادة الشعب السوري.

وجد الأسد ضالته وخاصة بعد 2015 في الاستعانة بعلاقات والده الاستراتيجية وحليفته إيران. وسارعت إيران إلى الاستجابة لما تشكله سوريا من أهمية استراتيجية في مشروعها "الهلال الشيعي". أما تركيا التي تعتبر نفسها منافسة وبنفس الوقت غريمة إيران التاريخية في المنطقة، فقد سارعت من طرفها لدعم بعض أطياف المعارضة السورية والتنظيمات الإسلاموية المتطرفة، منذ الأيام الأولى من الحراك الثوري بعدما فشلت مساعيها في إقناع الأسد بعروضها.

حجم التحديات والأزمات وظروف الضرورة في لحظة تاريخية فارقة جمعت الخصمين في محور واحد (آستانا)، هذا المحور كان يمكن تشبيهه بـ "بركان خامد"، لكبر حجم التنافس وشدته وصراع المصالح والأجندات بين الدولتين، وضرورة التكاتف لمواجهة الضغوطات أو الأزمات التي تواجههما.

العمامة الإيرانية فرضت وصايتها على الأسد، وناورت عبرها بما يخدم مشروعها ذي الأبعاد الاقتصادية بالدرجة الأولى. لكنها لم تتمكن من الصمود أمام أمريكا وحلفائها (مشروع الشرق الأوسط) وتساقطت أذرعها الواحدة تلو الأخرى، مما سهل خسارتها لسوريا.

هذا الانهيار الذي شكل علامة فارقة في تاريخ سوريا، معلنة نهاية نظام حكم مستبد وانتشال البلاد من مخالب إيران ووصاية عمامتها. وما إن تمّ ذلك حتى سارعت تركيا في محاولة منها لفرض طربوشها (مشروعها العثمانية الجديدة)، الممزوجة بأحلام عثمانية وأبعاد قوموية عثماتاتوركية (عثمانية – أتاتوركية)، بصبغة أردوغانية محدثة إلى الانقضاض على الفريسة (سوريا)، وانتزاعها من بين مخالب إيران. الأمر الذي يقودنا إلى طرح سيناريو؛ هل نحن أمام مشهد انتصار البدر السني على الهلال الشيعي؟ أم أن الطبيعة والفطرة هما اللتان ستفرضان نفسهما في نهاية المطاف على أي قوة تكون خارج الزمكان؟ حيث لا يمكن لأية قوة مهما علا شأنها أن تتفوق على قوة الطبيعة الإنسانية.

وكلنا أمل أن مستقبل سوريا سيقوده أبناؤه الحقيقيون، الذين سيعملون على إعادة الهوية الجامعة الحقيقية لسوريا التي تحتضن كافة شعوبها ومكوناتها. وبكل تأكيد إن حجم التدخلات من بعض الأطراف يعرقل هذه المسيرة، وهنا لا بدَّ أن يكون ثمة موقف عربي واضح، لإيقاف حالة التصحر الثقافي الذي بدأ ينتشر في سوريا.  إعادة بناء سوريا، مدنية تعددية ديمقراطية، سيكون للأشقاء العرب دور كبير فيه، وهو ما يأمله السوريون بشكل عام. وغياب هذا الدور هو ما أوصل سوريا لما هي عليه الآن. فقد حان الوقت كي ترجع سوريا لمسيرتها الحقيقية مع محيطها العربي البعيد عن العصبوية القبلية والمنفتح على التعددية والآخر.

بانهيار نظام عائلة الأسد ومنظومتها المستبدة وداعميها، استبشر السوريون خيرًا، لكن محاولة تركيا ملء الفراغ الذي تركته إيران، وفرض وصايتها عبر الإسلام السياسي وتأليب المكونات ضد بعضها بعضًا، فإنها بسياساتها هذه كأنها أعلنت بداية جديدة لحرب أهلية وإعادة السوريين إلى المربع الأول، وإعادة تدوير التنظيمات الإسلاموية، بعدما تم قطع أشواط كبيرة في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي على الساحة السورية.

حيث طالبت تركيا مرارًا وتكرارًا تسليمها عناصر التنظيم، وحين لم تجد آذانًا صاغية لمطلبها، كررت الطرح مرة أخرى ولكن هذه المرة عبر الإدارة الجديدة في دمشق. سابقًا كان السيد أردوغان يتحدث وكأنه الناطق باسم تنظيم داعش، حيث صرح أكثر من مرة بأن "كوباني ستسقط"، في أثناء المعركة مع تنظيم داعش. اليوم يتحدث وكأنه ناطق باسم الإدارة الجديدة.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل قدر الشعب السوري أن ينتقل من وصاية لأخرى؟ وهل أمام الشعب عقد آخر من الزمن للتخلص من الوصاية العثمانية المحدثة التي أعلن السيد أردوغان. أمّ ستكون للشعب السوري وأشقائه العرب في دول الجوار والمجتمع الدولي الذي عانى الإرهاب كلمة أخرى؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.